< قائمة الدروس

آیةالله الشيخ بشير النجفي

بحث الأصول

45/08/08

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: دوران الأمر بين الأقل والأكثر.

ما صدر من العلماء في المقام غير خالٍ عن الغموض. والوجه في ذلك أنهم جعلوا دوران الأمر بين الأقل والأكثر مورداً للتمسّك بالبراءة العقليّة والشرعيّة بالنّسبة إلى الأكثر. وهذا المعنى غير واضح. والوجه في ذلك أنّ التكاليف الشرعية كلّها مقيّدة باعتبار من المولى، فالكلام في الواجبات الشرعية، والواجب الشرعي خصوصاً العبادات منها تعلّق بها الاعتبار من المولى. وهذا الاعتبار من المولى يميّز بين ما هو داخل في الواجب وبين ما هو خارج عن الواجب. فإذا كان الاعتبار هو المميّز بين ما هو الواجب وبين ما هو غير واجب فلا بدّ أن يكون اعتبار المكلّف في مقام الامتثال منصبّاً على ما تعلّق به اعتبار المولى. فعلى هذا الأساس، ما صدر من الشيخ الأعظم الأنصاري من أنه إذا دار الأمر في مركّب أنه واجب بتسعة أجزاء أو واجب بعشرة أجزاء حيث قال رضوان الله تعالى عليه أما التسعة فهي مسلّمة سواء كانت واجبة مستقلة أو كانت واجبة في ضمن العشرة، فلا يمكن التمسّك بالبراءة بالنسبة إلى الأقلّ وأمّا ذلك الأكثر والجزء العاشر فنشكّ هل تعلّق الوجوب من المولى به او لم يتعلق فيكون محلّ البراءة العقليّة والشرعيّة، فهذا الكلام من الشيخ الأعظم جدّاً مجمل. والوجه في ذلك ما أشرنا إليه قبل لحظات من أنّ الواجبات الشرعية عبارة عن أفعال المكلّفين مقيّدةً باعتبار من المولى، فإذا كان الواجب مركّباً من تسعة أجزاء فيكون إضافة أي شيء على التسعة خروجاً عن ذلك الواجب وجعلاً لما ليس بواجب واجباً وهذا ليس صحيحاً. فالنتيجة أنّ التسعة المستقلّة إن اعتبرها المولى واجبة فهو واجب مستقل وإن اعتبر المولى المركب من عشرة فيكون التسعة الموجودة وإن كانت مشابهة من حيث الشكل للتسعة المفصولة ولكنّها مصبّ اعتبار آخر غير مصبّ الاعتبار السابقة. فمصب الاعتبار هو التسعة مع الجزء العاشر عشرة أجزاء، فالمركّب من التسعة معتبر باعتبار، والمركّب من العشرة معتبر باعتبار آخر، وكلّ اعتبار يتباين مع اعتبار آخر وكلّ مصبّ اعتبار مغاير لمصبّ اعتبار آخر، فإذا كان الأمر كذلك ففي الواقع ما قيل في كلمات الأعلام من أنه دوران الأمر بين الأقلّ والأكثر إنما هو مسامحة وغضّ نظر وغمض عين عن جانب الاعتبار الذي يميّز التسعة مفصولةً عن العاشر والتسعة ملحقة بالعاشر فغضوا النظر عن ذلك واعتبروا التسعة مفصولةً عين التسعة الداخلة في ضمن العشرة مع أنّه ليس هي عينها بل غيرها. فعلى هذا الأساس، ليست التسعة مردّدةً بين كونها واجبة بالوجوب النفسي أو الوجوب الغيري، بل إما هو واجب نفسي فقط أو التسعة الموجودة ضمن العشرة واجب نفسي فقط. فالنتيجة أنه يرجع تردّد المكلّف بين الأقلّ والأكثر الذي اعتبروه من دوران الأمر بين الأقلّ والأكثر ومجرىً للبراءة إلى دوران الأمر بين المتباينين. فيكون مقتضى القاعدة الاحتياط، وهو الإتيان بالأقلّ مستقلّاً ثمّ الإتيان بالأكثر مستقلّاً..

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo