< قائمة الدروس

آیةالله الشيخ بشير النجفي

بحث الأصول

45/08/07

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: تنبيهات دوران الأمر بين الأقل والأكثر.

قلنا إنّ الأعلام بحثوا بحثاً مفصّلاً حول دوران الأمر بين الأقل والأكثر الارتباطيين وهو ما إذا كان الأقلّ جزءاً من الأكثر والأكثر يشمل الجزء وغيره، فبحثوا أنه إذا شك في أجزاء المركب تسعة أو عشرة مثلاً فهل تجري البراءة العقلية أو الشرعية بالقياس إلى الأكثر أم لا؟! وقلنا في الجلسة السابقة إنّ هذا التقسيم للبراءة العقلية والشرعية متوقف على القول بوجود البراءة العقلية زائداً على وجود البراءة الشرعية، وقد رفضناه ولكن مع ذلك نبحث مع قطع النظر عن رأينا مع فرض وجود البراءة العقلية كالبراءة الشرعية. والشيخ الأعظم الأنصاري استدلّ بوجوه على جريان البراءة العقلية والشرعية بالنسبة إلى الأكثر. وملخّص كلامه رضوان الله تعالى عليه في رسائله هو أنه أنا أعلم بأنني مخاطب بهذا المركب ولكن لست أدري أن المركب تسعة أجزاء أو مع إضافة جزء آخر فهي عشرة أجزاء؟! فحينئذٍ وجوب الأقل وهو التسعة إما وجوب غيري أو وجوب نفسي، فإن كان المركب تمام التسعة فقط فالأقل واجب نفسي وإن كان الواجب هو العشرة فوجوب الأقل التسعة يكون واجباً غيرياً. فأنا أعلم بأن التسعة أجزاء واجبة قطعاً إما بوجوب نفسي أو بوجوب غيري بخلاف الجزء العاشر فنشك أنه جزء أو ليس جزءاً ومن هنا يتولّد الشك في وجوبه وعدم وجوبه فوجوب الأقل مسلّم ووجوب الزائد على الأقل مشكوك فيه فتجري البراءة العقلية والشرعية. هكذا أفاد الشيخ الأعظم الأنصاري رضوان الله تعالى عليه. والسيد الأعظم قدّس سرّه عنده نقاشات وملاحظات في هذا البيان. ومن الملاحظات التي أفادها يقول إنّ هذا الكلام مبنيّ على القول باتّصاف الأجزاء بالوجوب الغيري. فحينئذٍ يصحّ أن يقال إنّ الأقلّ إما واجب بالوجوب الغيري أو واجب بالوجوب النفسي وأما إذا قلنا بأنّ الأجزاء لا تتصف إلا بوجوب واحد لان الأجزاء عين الكل والكل عين الأجزاء فلا معنى لاتّصاف الأجزاء بوجوبين احدهما نفسي والآخر غيري. هذا أحد إشكالات السيّد الأعظم على الشيخ الأعظم رضوان الله عليهما. ولكن هذا الذي أفاده السيّد الأعظم غير واضح وهو أن التفرقة بين الكل وبين الأجزاء باللحاظ قال ليس شيئاً فلمَ يرفض وجود اللحاظ وهو أمر اعتباري؟! ومعلوم أنّ الأمور الاعتبارية لها وجود غير الوجودات التكوينية وإذا كان اللحاظ والاعتبار وجود فتكون الأجزاء باعتبار عدم الاجتماع أجزاء وبلحاظ الاجتماع مركّب وأنت تنكر الأمر الاعتباري مع أنّ الأحكام الشرعية كلها اعتبارية!! فإذا نفيت وجود الأمر الاعتباري فقد نفيت وجود الأحكام الشرعية أيضاً. ثمّ أفاد السيّد الأعظم أنه عندنا علم إجمالي بوجوب الأقل يعني التسعة أجزاء أو وجوب الأكثر يعني عشرة أجزاء، فإذا كان هناك علم فأصل البراءة العقلية أو الشرعية الجاري في الأقل معارض بالأصل الجاري في الأكثر وبالعكس كذلك، فإذا كان هناك تعارض وتساقط فيكون العلم الإجمالي منجّزاً حسب تعبيره الشريف فيجب اتّباعه. وهذا الكلام منه تقدّم مراراً في ضمن المباحث السابقة ورفضناه رفضاً باتاً، وقلنا إنّ التعارض بين الأصول العمليّة يتوقّف على الالتزام بالدلالة الالتزامية للأصول. ومعلوم أنه نحن وهو أيضاً كذلك يرفض الدلالة الالتزامية باعتبار أنه يرفض الأصل المثبت. فإذا كان الأمر كذلك، فليس هناك أصلان متعارضان. نعم، عندنا لا يجري الأصل لا في هذا الجانب من العلم ولا في ذلك الجانب من العلم باعتبار أنّ جريان الأصل في الطرفين أو في أحد الأطراف ينافي ويخالف العلم. وقلنا مراراً إنه لا فرق بين العلم التفصيلي والعلم الإجمالي، هو علم واحد ولكن إذا فقد الامتياز يسمى إجمالياً وإذا وجد الامتياز يسمى تفصيلياً، وكيفما كان فهذا المطلب تقدم مراراً في ضمن المباحث السابقة، فدعوى سيّدنا الأعظم تعارض الأصول وعدم جريانها بالتعارض غير واضح. ولكن ما أفاد الشيخ الأعظم الأنصاري غير واضح علينا. والوجه في ذلك أنّه قسّم الوجوب إلى النفسي والغيري، ومعلوم أنّ التقسيم إنما يأتي في المفاهيم وليس في الواقع والمصداق، فإذا كان الأمر كذلك فالحكم المجعول شرعاً دائماً جزئي وليس له كليّة حتى تنقسم الأحكام إلى الغيري والنفسي. فالنتيجة أنّ تقسيم الحكم إلى غيري ونفسي غير واضح، بل هناك حكمان جزئيان أحدهما نفسي والآخر غيري. فأحد الحكمين ثابت وليس هناك قدر جامع مشترك بين الحكمين حتى يسمى حكماً شرعياً قابلاً للقسمة.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo