< قائمة الدروس

آیةالله الشيخ بشير النجفي

بحث الأصول

45/08/03

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الموضوع: تنبيهات دوران الأمر بين المحذورين.

طرحت في الجلسة السابقة مطلباً وهو أنه في فرض المثال الذي بحث عنه العلمان صحاب الكفاية والسيد الأعظم رضوان الله عليهما أنه حصل العلم بنجاسة أحد الأمرين الثوب والإناء الكبير، وهذا العلم حدث يوم السبت ثم حدث العلم بتحقق الملاقاة بين الثوب وبين الإناء الصغير وتحقق الملاقاة يوم الجمعة لكن وقوع النجاسة في الإناء الكبير أو الثوب لم يحدّد وقته متى كان، حُدّد وقت العلم ولكن لم يُحدّد وقت وقوع النجاسة. وبما أنّه لم يُحدّد وقته فما قلت في الجلسة السابقة وهو حمل كلام العلمين على أنّ الملاقاة مع الثوب كان بعد تحقق النجاسة ليس صحيحاً، فالمثال لا ينطبق. فالمثال حُدّد وقت العلم ولم يُحدّد وقت المعلوم، فإذا كان وقت العلم محدداً فقط والعلم قد يكون الإنسان يعلم بموت الميّت المتقدّم قبل حصول ذلك وهذا ليس معناه أنّ الموت تحقق قبل ذلك. فتقدم العلم وتأخر العلم شيء وتقدّم المعلوم وتأخّره شيء آخر. فلم يُحدّد في المثال وقت تحقق الملاقاة بين الثوب وبين الإناء الصغير. بُيّن العلم فالعلم بتحقق الملاقاة حصل يوم الجمعة ولكن الملاقاة يوم الجمعة كان قبل حصول النجاسة بين الثوب والإناء الكبير أو بعد؟ لم يُحدّد.. فإن فُرض أنّ الملاقاة كانت بعد تحقق النجاسة بين الثوب والإناء الكبير فحينئذٍ هذا المثال يصبح مثل البحث المتقدم وهو أن أحد أطراف العلم الإجمالي إذا اصبح له قرين فهل يجب الاجتناب عنه أو لا؟ فذاك البحث يأتي فهم قالوا لا يجب ونحن قلنا إنه يجب. وأما إذا كانت الملاقاة بين الثوب وبين الإناء الصغير قبل تحقق النجاسة بين الثوب والإناء الكبير، فحينئذٍ قطعاً الإناء الصغير ليس نجساً وليس طرفاً للعلم الإجمالي. ومع الشك وأننا لسنا ندري أنّ ملاقاة الثوب مع الإناء الصغير كان قبل النجاسة أو بعد النجاسة، فمع الشك يتولد الشك في نجاسة الإناء الصغير، فإذا حصل الشك في نجاسة الإناء الصغير فيكون مجرى الأصل بدون معارض فأصالة الطهارة أو استصحاب الطهارة يجري فيُحكم بطهارة الإناء الصغير. فالنتيجة أنّ ما اتّفق عليه العلمان، صاحب الكفاية والسيد الأعظم في دورته التالية وليس في دورته الأولى، هو الصحيح لانّ خلاف ذلك خلط بين زمان العلم وبين زمان المعلوم وهذا الخلط لا ينبغي أن يحدث أبداً. إلى هنا انتهى كلامنا مع الأعلام في دوران الأمر بين المتباينين. ويقع الكلام في دوران الامر بين الأقل والأكثر. والأقل والأكثر كما قرّر في محلّه في كلمات الأعلام قد يكونان ارتباطيين وقد يكونان استقلاليين فهل تجب عليّ صلاتان مستقلّتان أو صلاة واحدة.. هذا معنى مستقلّين. وهل يجب صوم يوم أو صوم يومين، فهذا معنى أقل وأكثر استقلاليين. وقد يكون الشك بين الأقل والأكثر الارتباطيين، فهل هذا الواجب الذي هو واجب عليّ ذو أجزاء ثلاثة أو ذو أجزاء أربعة؟! فإذا كان ذا أجزاء ثلاثة فالواجب أقل وإذا كانت الأجزاء أربعة فيكون الواجب أكثر. ففي هذا القسم الثاني وهو ما إذا كان القلّة والكثرة في الارتباطيين وليس الاستقلاليين وقع الكلام بين الأعلام رضوان الله تعالى عليهم أنه هل تجري في الأكثر البراءة أو يجري الاحتياط؟ ومنشأ النزاع بين الأعلام أنه هل الشكّ في ثبوت الحكم في الأكثر يرجع إلى الشك في المكلّف به أو يرجع على الشك في التكليف، فإن كان يرجع إلى الشك في التكليف فيكون شك في زيادة التكليف، هكذا قيل. وإذا كان الشك في المكلّف به فيكون شكاً في فراغ الذمة، فإذا كان الشك في براءة الذمة تجري قاعة الاحتياط وإن كان الشك في أصل التكليف تجري البراءة. فلا بدّ من تأسيس الأساس في هذه المسألة قبل الدخول في البحث وهو ما هو مناط الشك في التكليف فنميّزه عن الشكّ في المكلّف به؟ هذا، والحمد لله ربّ العالمين.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo