< قائمة الدروس

آیةالله الشيخ بشير النجفي

بحث الأصول

45/07/22

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: تنبيهات دوران الأمر بين المحذورين

 

كنا في مقام فهم كلام صاحب الكفاية أعلى الله درجاته في عليين حيث قال لو كان الثوب لاقى أحد الماءين ثم خرج الملاقى عن محل الابتلاء فحينئذٍ لا يجري الأصل في الماء الملاقى لأنه خارج عن محل الابتلاء لأن الأصول العملية إنما تجري حيث يكون المقام مقام العمل ومقام الابتلاء وهذا ليس مقام الابتلاء فلا يجري فيه الأصل. ولكن بالنسبة إلى الملاقي يجري الأصل ويسقط بالمعارضة بالأصل الجاري في عدل الملاقى، فيحكم بوجوب الاجتناب عن الملاقي وعدل الملاقى، حتى ولو عاد ذلك الملاقى إلى محل الابتلاء يقول إن الأصول التي كانت تمنع من جريان الأصل في الملاقى قد سقطت وذهبت فحينئذٍ الأصل يجري في الملاقى ويحكم بالطهارة، فيجب الاجتناب عن الملاقي ولا يجب الاجتناب عن الملاقى. هذا ما أفاده في الكفاية على ما نُسب إليه رضوان الله تعالى عليه. وإنما قلت نسب لأن أحد أولاده كان يقول إن نسخة الكفاية المعروفة مغشوشة. وجاء أحد أحفاده إلينا فقلت أليس هناك منكم واحد يجد نسخة خطية أصلية في مكتبة صاحب الكفاية حتى نصححها، ولكنهم لم يعودوا من الطلبة. وعلى كل حال، هذا مطلب صاحب الكفاية مع تلخيص وتوضيح منّا. وما أفاد صاحب الكفاية غير واضح جداً لا على مبنى القوم ولا على مبنانا. أما على مبنى القوم فباعتبار أنّ الماء الملاقى خرج عن محل الابتلاء فالأصل لا يجري لأنه يشترط في جريان الأصل العملي أن يكون له أثر عملي حين التمسك بالأصل، وهذا غير موجود. فحينئذٍ إذا عاد الماء الملاقى إلى محل الابتلاء فالآن لم لا يكون الأصل الجاري فيه معارضاً للأصل الجاري في الطرف الآخر. فالأصل باقٍ سواءٌ أنا محتاج إليه أو لست محتاجاً إليه، هذا من جهة على مباني القوم. وأما على مبنانا من أنه وجوب الاجتناب عن الأطراف لا من جهة تساقط الأصول بل من جهة العلم الإجمالي. فإذا كان الأمر كذلك فإذا خرج الملاقى عن محل الابتلاء فحينئذٍ العلم الإجمالي بوجوب الاجتناب عن الملاقى والعدل والملاقي موجود. فالنتيجة أنّ ما أفاد صاحب الكفاية من أنه يجب الاجتناب عن الملاقي فقط دون الملاقى غير واضح. وأما السيد الأعظم فله مطلبان، المطلب الأوّل يقول حينما يكون الملاقى خارجاً عن محل الابتلاء فحينئذٍ يقول إنّ الأصل العملي في الملاقى لا يجري لإثبات طهارة الماء ولكن يجري لإثبات معارضة الأصل الجاري في الملاقي فحينئذٍ لا مانع من ذلك لترتيب أثر نجاسة الملاقي. هذا المطلب الأول. والمطلب الثاني هو أنه لو علمنا بماء قليل نجس ولاقاه الثوب حين غفلة الإنسان عن نجاسة الماء فغسل الثوب بهذا الماء مع الغفلة عن نجاسته وبعد ذلك شككنا في بقاء نجاسة الماء فنستصحب النجاسة فيقول لا يمكن إثبات طهارة الملاقي.

وكلا المطلبين غير واضح. أما المطلب الثاني فأولاً بعدما أحرزنا أنّ الثوب لاقى ماءً حال نجاسته ولو علمنا بعد سنة يحكم بنجاسة الثوب حتى إذا لم يبق الماء أو بقي فلم تقول إن نجاسة الثوب متوقفة على جريان استصحاب النجاسة في الماء؟ لا يتوقف. مضافاً إلى أنه على ما نسب إليك تقول بأنّ الاستصحاب أمارة فيثبت به لازمه ومدلوله الالتزامي فإذا جرى الاستصحاب في نجاسة الماء يلزمه نجاسة الملاقي فلماذا تشك في نجاسة الثوب؟ لا قبل الشك في بقاء نجاسة الماء ولا بعده، فهذا غير واضح. وأما ما أفاده في المطلب الأول وهو أنه الأصل العملي في الماء الملاقى يجري لإثبات الأثر في الملاقي فهذا جداً غير واضح فهذا مبني على أن يكون الأصل حجة في مدلوله الالتزامي وإن كان غير جارٍ، فهذا يجري في الأمارات لا في الأصول العملية. فالأصل العملي إذا سقط لأجل عدم شمول الدليل فحينئذٍ لا يكون له مدلول مطابقي ولا مدلول التزامي. ثمّ ما قلنا لصاحب الكفاية من أنه الماء الملاقى إذا عاد إلى محل الابتلاء فحينئذٍ ذلك الأصل الذي كان في عدل الملاقى جارياً يعود إلى الوجدان من جديد والطرفان إجماليان فلم لا يعود؟!

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo