< قائمة الدروس

آیةالله الشيخ بشير النجفي

بحث الأصول

45/07/19

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: تنبيهات دوران الأمر بين المحذورين

مطلب طرحه صاحب الكفاية وأصبح محلّ اهتمام لعلمائنا الأبرار من لدن تلميذ صاحب الكفاية المحقق الأصفهاني ومروراً بالمحقق النائيني إلى سيّدنا الأعظم رضوان الله تعالى عليهم جميعاً هو ما إذا كان هناك علم إجمالي بنجاسة أحد الطرفين وحصلت ملاقاة ثوب لأحدهما وخرج الملاقى عن محل الابتلاء ففي مثل ذلك العلم الإجمالي المنجّز حسب تعبيرهم بين نجاسة الملاقي وبين نجاسة عدل الملاقى موجود وهو حجة ومنجّز لتعارض الأصول حسب رأيهم الشريف من أنه أصالة الطهارة في طرف الملاقي معارضة لأصالة الطهارة في عدل الملاقى. فإذا عاد هذا الملاقى إلى محل الابتلاء ففي مثل ذلك الملاقى يحكم بطهارته لأنه يجري فيه أصل الطهارة بلا معارض لأن المعارض كان هو الأصل الجاري في عدله فهو كان المعارض لجريان الأصل في الملاقى والمفروض أن الأصل الجاري في الملاقى قد سقط ومات بالمعارضة بين الأصل الجاري في عدل الملاقي وفي الملاقي للطرف الآخر. فإذا سقط الأصلان فحينئذٍ لا يبقى هناك مانع من التمسك بالأصل العملي في نفس الملاقى فيحكم بطهارته. هكذا أفاد صاحب الكفاية. وهذا الكلام منه قدس سره مبنيّ على مطلب تقدّم منّا في طيّ كلماتنا مرات. وملخص ذلك المطلب أن الأصل العملي إنما هو وظيفة المتحيّر والشاك والغافل عن الواقع وغير الواصل إلى الواقع حتى لا يبقى متحيراً جعل له الشارع المقدس وسيلة للتخلّص من الحيرة. وهذه الوسيلة هي عبارة عن الأصل العملي. فمثلاً أمامه كأس من الماء لا يعلم أنه طاهر أو نجس فيبقى متحيراً فقال عليه السلام كل شيء لك طاهر حتى تعلم أنه قذر، فإذا لم يعلم فيحكم بالطهارة. فهذا معنى أصالة الطهارة. فجميع الأصول العملية، عدا الاستصحاب ففيه كلام، كأصالة الطهارة وأصالة الحل ونحو ذلك عبارة عن رفع تحيّر العبد في مقام العمل. فإذا فرضنا إنه لا حيرة له فحينئذٍ الأصل لا يجري. ولذلك قالوا إذا كان العلم بنجاسة أحد الإناءين وأحد الإناءين خرج عن محل الابتلاء فذلك الخارج عن محل الابتلاء ليس محتاجاً إلى الأصل فإن المكلف ليس مبتلىً به فإذا لم يكن مبتلىً فلا يحتاج إلى أصل يحلّله. فإذا لم يجرِ الأصل في ذلك فالأصل الذي في الطرف الثاني الباقي تحت الابتلاء يجري فيه بلا مانع وبلا معارض فيحكم بطهارة هذا الطرف الباقي تحت الابتلاء. وصاحب الكفاية قال إن هذا الملاقى عن محل الابتلاء فإذا خرج عن محل الابتلاء فحينئذٍ أدلّة الأصول العملية لا تعمّه ولا تشمله فلا يُحكم بطهارته من جهة الأصل العملي فيكون الأصل جارياً فعلاً في الملاقي وفي عدل الملاقى. ولما عاد الملاقى إلى تحت الابتلاء وأردنا أن نتمسك فيه بالأصل فيه وهو أصالة الطهارة فهذا لا مانع منه وإنما المانع كان الأصل الجاري في عدله فهو كان ما يمنع والمعارض وذلك الأصل قد ارتفع تماماً فإذا كان قد ارتفع تماماً فانتهى الأمر. فالنتيجة أنه يبقى الأصل الجاري في الملاقى بعد عوده تحت الابتلاء بلا مانع ولا معارض. هذا ملخص كلامه قدس سره. والسيد الأعظم رضوان الله تعالى عليه يقول إن الأصل كذلك يجري لأجل وجود أصل عملي ولكن قد يكون للأصل أثر عملي بلحاظ وقد لا يكون له أثر عملي بلحاظ آخر. ففي المقام، لما خرج الملاقى عن تحت الابتلاء فلا أثر للأصل العملي بالقياس إلى إثبات الطهارة وحليّة هذا الملاقى فلا يجري أصلاً وأما لأجل إثبات طهارة عدله فهذا الأثر موجود فلا بدّ من التمسّك به. فالأصل بلحاظ نفس هذا الملاقى لا يجري ولكن الأصل بلحاظ عدله يجري فلا مانع من ذلك، هكذا نُسب إلى سيدنا الأعظم وسوف نتكلّم به.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo