< قائمة الدروس

آیةالله الشيخ بشير النجفي

بحث الأصول

45/07/18

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: تنبيهات دوران الأمر بين المحذورين

ما زلنا في ساحة هذه الصور التي طرحها علماؤنا الأبرار مرمى لمطالبهم العلمية قدّس الله أرواحهم الطاهرة. ومن جملة تلك الصور هو أنه هناك علم بنجاسة أحد الطرفين اليمين أو اليسار وهناك علم بملاقاة شيء ثالث لأحد الأطراف ولكن لم يحدث هذان العلمان دفعةً واحدة، بل أولاً حصلت الملاقاة ثم حصل العلم بنجاسة الملاقى أو عدله الطرف الثاني ثم حصل العلم بالملاقاة فالملاقاة حصلت قبل العلم بها والعلم بالملاقاة حصل بعد العلم بنجاسة أحد الطرفين. فهاهنا اختلف رأي السيد الأعظم الشريف ففي أحد الرأيين يحكم بوجوب الاجتناب وفي الرأي الثاني وهو المقرر والملتزم به عنده أنه لا يجب الاجتناب عن الملاقي وإنما يجب الاجتناب عن الملاقى وعدله الطرف الثاني. هذه صورة المسألة. ولكن السيد الأعظم تنازل عن قوله السابق حيث جعل الزمان مؤثراً وداخلاً في ماهية الحكم وهذا رفضناه وقلنا إنّ الزمان ظرف وليس مؤثّراً، فإذا ضرب زيد عمراً في ليل أو نهار الضرب يتحقق ولكن لا علاقة لكون التحقق يثبت إذا كان في زمان واحد وإذا كان في زمانيين لا يتحقق فهذا غير واضح. وكذلك بالنسبة إلى ظرف المكان كما إذا ضرب زيد عمراً في الشارع أو في البيت، فالضرب يتحقق باليد فلا دخل للمكان. اللهمّ إلا أن يكون للزمان أو المكان دخل في الضرب كما إذا ضربه بحائط الغرفة أو ضربه بحائط السرداب مثلاً فذاك خروج عن محل الكلام فمحل الكلام أن المكان مجرد ظرف. فإذاً، جعله رضوان الله تعالى عليه الزمان قيداً للملاقي والملاقى والطرف الآخر جداً غير واضح. مطلب آخر وهو أنه رضوان الله تعالى عليه يلتزم بأنه العلم حجة كاشف عن المعلوم ولكنه يشك بأنه هناك علم يتعلق بمعلوم واحد مرتين وهذا رفضه رفضاً قاطعاً ويقول إنه لا يعقل أن يعلم الإنسان شيئاً ثم يعلم بعلم آخر. وهذا الكلام أولاً من حيث الأمثلة غير واضح. فمثلاً لو دلّت رواية معتبرة مثل حديث الغدير على ولاية أمير المؤمنين وحديث آخر غير حديث الغدير أيضاً دل على وصاية وولاية علي بن أبي طالب فلا شك في أن الروايتان متحدتان من حيث المفهوم ولكن هل يرفع اليد عن أحد الروايتين لكفاية الرواية الأولى مثلاً فهذا الكلام غير واضح أبداً. فالنتيجة أنه لا مانع أن يكون هناك علم حاصل من شيئين بمعلوم واحد. فالعلم الحاصل من شيء المتعلق بهذا المعلوم مغاير للعلم الحاصل من شيء آخر وإن كان متعلقاً بنفس المعلوم. فدعواه الشريفة أنه لا يعقل أن يُعلم المعلوم مرة ثانية في طي كلامه غير واضحة. ثمّ مع قطع النظر عن ذلك كله، نلتزم بأنّ هناك معلوم بالعلم السابق مختلف ومغاير للمعلوم في الحالة الأولى. فمثلاً، قبل تحقق العلم بالملاقاة كان العلم بنجاسة أحد الإناءين منجّزاً بالقياس إلى نجاسة هذا الإناء أو ذاك الإناء. فإذا حصلت الملاقاة، فحينئذٍ المعلوم تغير. فالمعلوم في العلم الأول مردد بين الملاقى وبين الطرف الآخر والعلم الآخر يكون متعلقاً بالملاقي وهذا الطرف والطرف الآخر للملاقى منضماً إلى الملاقى شيء ومنضماً إلى الملاقي شيء آخر. فالنتيجة أن إصراره الشريف رضوان الله تعالى عليه على أنه لا يوجد هناك علم ثانٍ غير واضح. فإذا كان هناك علم فلا بدّ من حجيته وهي ثابتة.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo