< قائمة الدروس

آیةالله الشيخ بشير النجفي

بحث الأصول

45/07/17

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: تنبيهات دوران الأمر بين المحذورين

هناك صورة أخرى طرحت في كلمات الأعلام رضوان الله تعالى عليهم، من لدن الشيخ الأنصاري مروراً بصاحب الكفاية والشيخ النائيني إلى سيدنا الأعظم رضوان الله تعالى عليهم في مسألة وجوب الاجتناب عن أحد الإناءين اللذين نعلم بنجاسة أحدهما، وهي مسألة ما إذا كان العلم زمان الملاقاة متأخراً عن تحقق المعلوم بالنجاسة ثم حصل العلم بالنجاسة في الزمان الثالث. وضرب السيد الأعظم مثالاً أنه يوم الخميس وقعت نجاسة في أحد الإناءين ويوم الجمعة حصلت ملاقاة للثوب لأحد الإناءين ويوم السبت علمنا بوقوع النجاسة في أحد الإناءين يوم الخميس. ففي مثل ذلك قال في إحدى دوراته الشريفة أنه لا يجب الاجتناب عن الملاقي في هذا الفرض. ولكن هذا الحكم منه تراجع عنه قدس سره ولكن نريد أن نفهم انزلاقة فكره الشريف إلى القول بعدم الاجتناب عن الملاقي. والذي أتصوّره كما يظهر من التأمّل في كلماته الشريفة والكلمات المنسوبة إليه هو أنه اعتبر الزمان قيداً لتأثير العلة في وجود المعلول أو تأثير عدم العلة في عدم المعلول. وقلنا في الجلسة السابقة إنّ الممكن الوجود والعدم بالنسبة إليه على حد سواء ولا ترجيح لأحدهما على الآخر أبداً. ولا تأثير للعدم ولكن عبّر عن عدم العلة بأنه علّة العدم وهذه مسامحة في التعبير لأن العلة ما يلزم من وجوده وجود المعلول ويلزم من عدم العلة عدم المعلول ولكن عبر عن عدم العلة بأنه علة للعدم، ولكن الشيخ الطوسي في تجريده يقول إن عدم العلة يجري مجرى العلة بالقياس إلى عدم المعلول وهذا ضيق في كلمات المعقوليين في التعبير. فالنتيجة أنه يكون ترجّح عدم الممكن على الوجود بتأثير خارجي وكذلك رجحان وجود الممكن على العدم يكون من تأثير خارجي فارتباط شيء بشيء إنما مرتبط بالوجود والعدم وأما الزمان والمكان فهما ظرفان فقط فيقع الحادث في هذا الزمان أو هذا المكان ولا يتقيد الحادث بزمان ولا بمكان فإنه مجرد ظرف. فظرف الزمان عبارة عن حركة الشمس والشمس تشرق اليوم على العراق وما يضاهيه العراق من الأمكنة ولما تصبح الشمس في الطرف الثاني من الأرض فالإشراق يظهر لكن الحوادث الحادثة في نهار هذا اليوم ليست لها تقيّد بحركة الشمس أبداً بل حركة الشمس أيضاً مظروفة لظرف الدهر حسبما قالوا فالدهر ظرف لحركة الشمس والقمر والنجوم وأما نفس حركة الشمس والقمر فهي ظرف لما يحدث هنا. فالنتيجة أنه ليس للزمان دخل وليس له تأثير حتى يتقيد وجود المعلول أو تأثير العلة في الوجود بذلك. كذلك المكان فهو مجرد عبارة عن السطح الداخلي للجسم الحاوي المماس للسطح الخارجي للجسم المحوي، يعني الجسم الموضوع في قبضة الإنسان مثلاً له سطحان داخلي وخارجي واليد لها سطحان سطح داخلي وسطح خارجي والسطح الداخلي يعبر عنه بالسطح الداخلي بالقياس إلى الجسم الحاوي والسطح للجسم الموجود على الأرض يعبر عنه بالسطح الخارجي للجسم المحوي. فعلى هذا الأساس، يكون الزمان والمكان بهذا المعنى فهما أجنبيان عن ذلك. فإذا حدثت ملاقاة السطح الداخلي للجسم الحاوي فهذا يسمى مكاناً ولا علاقة له بتأثير المؤثر في المعلول أو عدم تأثير المؤثر في المعلول. فالنتيجة أن الشبهة التي دفعت السيد الأعظم إلى القول بعدم وجوب اجتناب الملاقي ناشئة من تخيّله رضوان الله تعالى عليه تقيّد ملاقاة أحد الإناءين للنجاسة بالزمان والنجاسة مقيدة بالزمان وعرفنا أنه غير مقيد بالزمان كذلك ملاقاة الثوب لأحد الإناءين أيضاً ليس متقيداً بزمان متأخر وإنما هو حدث فوجود كلّ من الطهارة والنجاسة في أحد الإناءين وملاقاة الثوب لأحد الإناءين لا يتقيد أي منهما بزمان أبداً. فإذا لم يتقيد فلا علاقة لتبدّل الزمان وتغير الزمان. فالنتيجة أنه يكون الحكم بوجوب الاجتناب عن االملاقي بما قلناه باعتبار أنه يصبح الملاقي بحكم الملاقى، فبما أن الملاقى يجب الاجتناب عنه كذلك يجب الاجتناب عن الملاقي أيضاً. نعم، كلمات الأعلام ظاهرة في أن العلم الإجمالي واحد وقلت إن هذا اشتباه والعلم يتعدد بتعدد المعلوم. فإذا كان المعلوم متعدداً فالعلم متعدد. فالعلم بحصول النجاسة في أحد الإناءين شيء والعلم بتحقق ملاقاة الثوب لأحد الإناءين شيء آخر، وهذا مطلب آخر غير ما نحن فيه. والصحيح أنه يجب الاجتناب عن الملاقي مطلقاً.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo