< قائمة الدروس

آیةالله الشيخ بشير النجفي

بحث الأصول

45/07/12

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: تنبيهات دوران الأمر بين المحذورين.

 

ذكرنا كلام العلمين المحقق النائيني والشيخ الأعظم الأنصاري رضوان الله تعالى عليهما حيث قال إنه الأصل الجاري في الملاقي لأحد طرفي النجاسة المعلوم بالإجمال محكوم بالأصل الجاري في الملاقى. وما دام الأصل جارياً في الملاقى لا يجري في الملاقي. فإذا كان الأمر كذلك فجريان الأصل في الملاقي متوقف على انتفاء الأصل الجاري في الملاقى. وبما أنّ الأصل الجاري في الملاقى معارض بالأصل الجاري في عدل الملاقى والأصل الجاري في الملاقى والأصل الجاري في عدل الملاقى في مرتبة واحدة فيتعارضان ويتساقطان، فإذا مات الأصلان، الأصل الجاري في الملاقى وفي عدل الملاقى فيعود الأصل الجاري في الملاقي إلى الحياة فيجري، فلذلك نحكم بطهارة الملاقي لأحد المعلومين بالإجمال. هذا كان ملخّص كلام العلمين رضوان الله تعالى عليهما. والسيّد الأعظم يريد أن يثبت هذا المطلب ببيان فيه بعض الإجمال نوضحه إن شاء الله ببيان مختصر. وهو أنه إذا كان شيئان في مرتبة واحدة وكان أحدهما متقدّماً على شيء ثالث وذلك الشيء الثالث متأخّر عن أحد المتساويين في المرتبة فلا يعني ذلك أنّ ذلك المتأخّر عن أحد المتساويين متأخر عن ذلك المساوي لهذا المتقدم أيضاً. وضرب مثالاً لو فرضنا أنه هناك علّة ومعلول ولا شك في أنّ العلة متقدّمة على المعلول ولكن العلة لها وجود وكذلك لها عدم متساويا النسبة بالقياس إلى ماهية العلة وذلك لما قرر في محله وهو مطويّ في كلام سيّدنا الأعظم رضوان الله تعالى عليه وهو أنّ الممكن الوجود والعدم بالقياس إلى ماهيته كلاهما في مرتبة واحدة ولا يمكن أن يتقدم الوجود على العدم باقتضاء ذات الممكن ولا يمكن أن يتقدّم العدم على الوجود أيضاً باقتضاء ماهية الممكن. فباقتضاء ذات ماهية الممكن كلاهما في مرتبة واحدة. فالتقدم والتأخر للوجود على العدم أو العدم على الوجود يأتي بمؤثّر خارجي. ولذلك، كل الممكنات متساوية الوجود والعدم ولكن يتقدم العدم على الوجود من جهة فعل واجب الوجود أو كذلك الوجود يتقدم على العدم أيضاً بفعل مؤثر خارجي. فعلى هذا الأساس تكون العلّة متقدمة وجوداً على المعلول وليس عدم العلة متقدماً أيضاً، ولا يقال كما أن وجود العلة متقدم على وجود المعلول كذلك عدم العلة أيضاً متقدم على المعلول، فليس متقدماً فإذا كانت العلة معدومة يكون المعلول معدوماً، فنحن نقول إنّ وجود العلّة متأخر عن وجود المعلول فلا يلزم من تساوي نسبة الوجود والعدم إلى ماهية العلة أنه إذا كان أحدهما وهو الوجود متقدماً على وجود المعلول فلا بد أن يكون عدم العلة متقدماً ايضاً على المعلول، فالتساوي في المرتبة لا يقتضي التساوي في لوازمهما أيضاً وهو تأخر المعلول عن وجود العلة.. فعلى هذا الأساس، وما زال الكلام الشريف لسيدنا الأعظم، فما أفاد العلمان وهو كما أن الأصل الجاري في الملاقي متأخراً عن الأصل الجاري في الملاقى والأصل الجاري في الملاقى متأخراً فكذلك الأصل الجاري في عدل الملاقى أيضاً متقدم على الأصل الجاري في الملاقى لأن الملاقى وعدله في مرتبة واحدة. هكذا فهم السيد الأعظم من كلام العلمين، فردّ عليهما بهذا البيان الذي أشرنا إليه وهو أنه التساوي بين شيئين لا يقتضي التساوي في اللوازم والآثار، فإذا كان وجود العلة وعدمه متساويين في الرتبة لا يلزم من ذلك أن يكون إذا كان وجود العلة متقدماً على وجود المعلول فلا بد أن يكون عدم العلة متقدماً على وجود أو على عدم المعلول أيضاً. هذا كلام السيد. وما أفاد السيد بحسب المطلب العلمي دقيق جداً وصحيح لا غبار عليه ولكن نعود إلى كلام العلمين حتى نفهم كلامهما من جديد حتى نعرف أنّ إشكال السيد الأعظم وارد على العلمين النائيني والأنصاري أو لا؟ فهناك كلمات العلمين وإن لم تكن صريحة في ما أريد أن أقول وهو أن الأصل الجاري في الملاقى متقدم على الأصل الجاري في الملاقي، وإلى هنا العلمان متفقان مع السيد ولكن الأصل الجاري في عدل الملاقى ليس أصلاً آخر حتى ننسب إلى العلمين انهما قالا بتأخر الأصل الجاري في الملاقي متأخر عن الأصل الجاري في الملاقى وفي عدل الملاقى بل هناك أصل واحد، وذلك الأصل الواحد نلتزم بجريانه بمقتضى الدليل في الملاقي، ونلتزم أن نفس الأصل يجري في عدل الملاقى وليس هناك أصلان حتى يقال أنه الملاقى وعدل الملاقى تساويهما لا يقتضي اشتراكهما وتساويهما في ما يترتب على كل منهما. فإذاً، كلام السيّد الأعظم متين جداً في حدّ نفسه ولكنّ كلامه غير ملتفت إلى هذه النقطة.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo