< قائمة الدروس

آیةالله الشيخ بشير النجفي

بحث الأصول

45/07/05

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: تنبيهات دوران الأمر بين المحذورين.

 

قلنا إنه في حصول الملاقاة لأحد طرفي العلم الإجمالي يجب الاجتناب عن الملاقي أيضاً. وللشيخ الأعظم الأنصاري بيان يقول إنه لا يجب الاجتناب. وملخّص بيانه الشريف هو أنه كان هناك علم إجمالي بنجاسة أحد الكأسين اليمين أو الشمال، وحصلت الملاقاة شيء للكأس اليمين فحينئذٍ أصالة الطهارة في الملاقي ساقطة باعتبار أنها محكومة بأصالة الطهارة الجارية في الملاقى ومعلوم أنّ الأصل الجاري في السبب مقدّم على الأصل الجاري في المسبّب. وبما أنّ نجاسة الملاقي مشكوكة والشك فيها ناتج عن الشك في الملاقى، فإذل جرى الأصل في الملاقى فيكون ذاك كافياً للحكم بطهارة الملاقي ولكن الأصل الجاري في الملاقى ساقط بالمعارضة حسب رأي الأعلام فإنهم قالوا بمعارضة الأصول في العلم الإجمالي. فحينئذٍ إذا كان المانع من جريان أصالة الطهارة أو أصالة الحل في الملاقي محكوماً ومرفوضاً من جهة الأصل الجاري في الملاقى وإذا مات الأصل الجاري في الملاقى بالمعارضة فيبقى الأصل الجاري في الملاقي على حاله فلا يجب الاجتناب عن الملاقي. هذا ملخّص كلام الشيخ الأعظم الأنصاري، وللعلناء منهم السيد الأعظم قدّس سرّه محاولات للجواب عن هذا نتعرض إليها إن شاء الله. وفعلاً كلامنا في ما نفهمه في الجواب عن استدلال الشيخ الأعظم الأنصاري. أوّلاً، قلنا إنّ تقسيم العلم إلى التفصيلي والإجمالي ليس واضحاً. وإنما فيما يسمى بالعلم الإجمالي هناك فقدان للتمييز وليس فقدان العلم. والفرق بين التمييز والعلم لا ينبغي أن يخفى عن أعلامنا الأبرار فكيف قسّموا العلم إلى الإجمالي والتفصيلي؟! فقلنا إنّه في العلم الإجمالي التمييز مفقود لا أنّ العلم مفقود، لا علم ضعيف ولا علم يصبح قوياً مع التمييز. بل العلم وجد فحينئذٍ يسمى علماً تفصيلياً، فحينئذٍ هذا اصطلاح نقبله لكن في المعنى اللغوي للعلم غير واضح، هذا مطلب. ومطلب آخر، وهو أنه مراراً قلنا إنّ دعوى تعارض الأصول بين أطراف العلم الإجمالي غير واضحة بالقياس إلى أنه التعارض يكون من حيث الدلالة الالتزامية وأنتم لا تؤمنون بالدلالة الالتزامية في الأصول العملية وإنما تلتزمون بالدلالة المطابقية فقط. فإذا كان التعارض مرتبطاً ومتوقّفاً على الدلالة الالتزامية فكيف تقول يا شيخنا الأعظم بتعارض الأصول، الأصل الجاري في الملاقى والأصل الجاري في الطرف الآخر حتى يقال إنه يحصل تساقط. بل مطلب أساسي ما قلناه أكثر من مرة وهو أن العلم حجّة وقلادة في رقبة العالم يوم القيامة كما يستفاد من الآيات والروايات من أنه يقال للعبد ما كنت تعلم؟! فلم ارتكبت ونحو ذلك! فالنتيجة أنّ العلم هو حجة في نفسه ويجب بحكم العقل ترك الأطراف كلها حتى يتحقق الامتثال للتكليف المعلوم في البين. وفي المقام العلم علمان علم أوّل كان فقط بنجاسة كأس اليمين أو كأس الشمال، وعلم آخر حدث وهو العلم بنجاسة الملاقي ونجاسة الملاقى من جهة ونجاسة الطرف الثاني من جهة أخرى. ومراراً قلنا إنّ تعدّد المعلوم يعني تعدّد العلم، فما دام المعلوم تعدّد فالعلم متعدّد. فعلى هذا الأساس، ما دام الإنسان عالماً بوجود النجس في البين فيجب عليه اجتناب الأطراف كلّها. فلو فرض أنّ الملاقى قد تلف لكن الملاقي باقٍ على حاله فيبقى العلم الثاني على حاله والعلم الأول يتبخّر لأنّ العلم يكون مع المعلوم والمفروض أنّه حيث ذهب أحد أطراف العلم الأول فذهب العلم الأوّل، ويبقى العلم الثاني وهو العلم بنجاسة الملاقي أو نجاسة الطرف الآخر. فالنتيجة أنه نحن نلتزم بوجوب اجتناب الملاقي من جهة العلم لا من جهة تعارض الأصول كما قال الشيخ الأعظم الأنصاري رضوان الله تعالى عليه. هذا هو الجواب السليم للتخلّص من معضلة الشيخ الأعظم الأنصاري. ثمّ نتعرّض إن شاء الله تعالى لكلمات الأعلام والحمد لله ربّ العالمين.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo