< قائمة الدروس

آیةالله الشيخ بشير النجفي

بحث الأصول

45/06/26

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: تنبيهات دوران الأمر بين المحذورين

 

كان الكلام في الدليل الذي ذكره الأعلام رضوان الله تعالى عليهم ولست أدري من هو المستدل بهذا الدليل. وهذا الدليل على جريان حكم النجاسة لملاقي أحد أطراف الشبهة المحصورة. ويعنون بذلك وجوب الاجتناب ولا يقصدون النجاسة قطعاً لأن الملاقى لا يعلم أنه نجس حتى يحكم بنجاسة الملاقي. كيفما كان، ملخّص الدليل هو أنّ نفس النجاسة الثابتة للملاقى تتسع وتكبر وكانت مختصة بالملاقى وبعد الملاقاة اتسعت هذه النجاسة فشملت الملاقي أيضاً. وقلنا في الجلسة السابقة إنّ هذا المستدل قاس الحكم الشرعي على الأعراض من الأعراض التسعة مثل الحرارة والبرودة فإنّ الحرارة والبرودة تتسع حسب زعم هذا المستدل فتثبت للملاقي كما كانت ثابتة للملاقى. فلو كان هناك ماء حار وضعنا فيه خشب أو غيره وبعد دقائق إذا رفعنا هذا الخشب من هذا الماء الحار نجد الحرارة في الخشب فتكون تلك الحرارة التي كانت ثابتة للماء الآن اتسعت تلك الحرارة فشملت لهذا الجسم أيضاً، وكذلك في البرودة تنتقل. فتخيّل هذا المستدلّ أنّ النجاسة كذلك تتّسع، فقبل الملاقاة هذه النجاسة كانت منحصرة في الملاقى وبعد تحقق الملاقاة اتّسعت النجاسة للملاقي أيضاً. وهذا الكلام منه قياس فحاول قياس الأحكام الشرعية على الأعراض الخارجية مثل الحرارة والبرودة. أوّلاً إنّ قياس الأحكام الشرعية على الأعراض التكوينية غير صحيح فإنّ الأحكام موجودة بوجود اعتباري لا بوجود تكويني خارجي كالجواهر والأعراض ولا هو وجود قياسي علمي خيالي فقط باعتبار أنّ كلّاً من الوجودات الخارجية والذهنية خاضعة لأحكامها ولكن الحكم وجوده الاعتباري شيء أجنبي عنهما. فزيد تزوّج بهند فزوجية زيد لهند أو هند لزيد أمر اعتباري وهذا الأمر الاعتباري ليس وجوده في الذهن فقط ولذلك لو نام أحدهما أو كلاهما، في حالة النوم والغفوة الإنسان نفسه تبتعد عن المعلومات ولا تبقى موجودة في نفسه أو تكون مخفية في النفس لا ظاهرة ولكن بعد الاستيقاظ يرجع وأما الزوجية فباقية في حالة نومهما وفي حالة يقظتهما أيضاً. فالأحكام الشرعية لها نحو وجود يختلف عن الوجودات التكوينية والوجودات الذهنية وذلك القسم الثالث من الوجود هو الوجود الاعتباري. فهذا المستدلّ يجعل الوجود الاعتباري وجود الأعراض وهذا اشتباه لا يغتفر في حوزة النجف الأشرف، هذا أوّلاً. وثانياً، حتى الأعراض لا تتسع ولا تنتقل فهذا مستحيل، فقد أقام المعقوليون البراهين على امتناع واستحالة اتّساع العرض أو انتقاله من مكان إلى مكان. وأبرز مثال لبراهينهم هو الانتقال يعني العرض ينتقل من محلّ أ إلى محلّ ب وهذا قوالوا إنه مستحيل باعتبار أنّ وجود هذا العرض في المحل الأول أ يختلف عن وجوده في المحل الثاني وهو ب وليسا واحداً. فإذاً، وجود العرض في الموضوع الأوّل ووجوده في الموضوع الثاني موضوعان مختلفان ووجودان مستقلّان. فإذا قلنا بأنّ العرض كان في موضوع أ وانتقل إلى ب فتكون لهذا العرض حالات ثلاث حالة وجوده في الموضوع الأول وحالة وجوده في الموضوع الثاني وحالة ثالثة وهي حالة الانتقال من هذا إلى ذاك ففي حالة الانتقال هو ليس في الأول ولا في الثاني. فلو قلنا إنّ العرض ينتقل من موضوع إلى موضوع يلزم من ذلك أن يوجد العرض بدون الموضوع وقد أقيمت البراهين على استحالة ذلك. فإذا كان الأمر كذلك فأصل المقيس عليه في كلامه وهو الأعراض الحكم فيه غير صحيح، يعني الحكم بأنّ العرض يتّسع وينتقل من مكانه إلى مكان آخر في الأعراض التكوينية من المقولات التسع غير معقول وهو ينقل هذا الحكم من العرض إلى الحكم الشرعي مع أنّ الحكم الشرعي ليس بعرض بل الحكم الشرعي وجود اعتباري في كل مورد وجوده ينشأ الحكم باعتبار من بيده الاعتبار وهو المولى جلت عظمته. فالنتيجة أوّلاً في قياسه أنّ نفس حكمه في الأعراض غير صحيح، ثم على فرض التنزّل والقول بصحة هذا فقياس الحكم الشرعي على الأمور العرضية قياس مع الفارق جداً. فالنتيجة أنّ الدعوى من هذا الرجل أنه نفس الحكم الثابت للموضوع ينتقل أو يتّسع هو كلام في نفسه غير معقول. ثمّ استدلاله برواية عمرو بن شمر عليه إشكال منّا كما نقول إن شاء الله.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo