< قائمة الدروس

آیةالله الشيخ بشير النجفي

بحث الأصول

45/06/25

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: تنبيهات دوران الأمر بين المحذورين

كنا وما زلنا نحاول فهم الكلام المنسوب إلى سيّدنا الأعظم أعلى الله درجاته في عليين وهو أن الملاقي لأحد أطراف الشبهة المحصورة هل يجب الاجتناب عنه أو لا؟ والسيّد سعى بجهده المقدّس على ما نُسب إليه بقلم المقرّر القول أنه النجاسة الثابتة في الملاقي غير النجاسة الثابتة للملاقى. وبما أنّ الملاقى لم نحكم بنجاسته فلا يُحكم بنجاسة الملاقي فلا يجب الاجتناب عن الملاقي، هذه خلاصة الكلام المنسوب إلى سيّدنا الأعظم رضوان الله تعالى عليه. وأما أنا كما قلت فلا أقول بنجاسة الملاقي لأحد الأطراف بل قلت يجب الاجتناب فكما يجب الاجتناب عن الملاقى كذلك يجب الاجتناب عن الملاقي في محل البحث، لا في كل مكان. وذلك لأجل أنه أصبح الملاقي واقعاً طرفاً للعلم الإجمالي لا العلم الإجمالي السابق بنجاسة أحدهما بل بناءً على نجاسة الملاقي فالملاقى أيضاً يكون نجساً فهذا علم إجمالي آخر. هناك ذكر السيّد على ما نُسب إليه استدلالاً من بعضهم أن الملاقي يجب الاجتناب عنه ولكنه قال إن الأحكام الشرعية حالها حال الأعراض وهو لم يقل هذا ولكن فهمت من كلامه أنه يقيس الأحكام الشرعية على الأعراض الخارجية مثل الحرارة والبرودة مثلاً، فإذا كان الماء حاراً ووضعنا فيه جسماً آخر ملعقة أو خشبة صغيرة فحينئذٍ بعد دقائق أخرجنا هذه الخشبة أو الملعقة تكون فيها حرارة ومقتضى أنه هذا الجسم أخذ قسماً من حرارة الماء فلذلك بالدقة العقلية تخفّ حرارة الماء حينما نضع فيه الخشب. فكأنه يقول إنّ الأحكام الشرعية كذلك حسب تصوري فحينما يلاقي شيئاً نجساً برطوبة فتكون تلك الرطوبة كما كانت موجودة في الملاقى تنتقل إلى الملاقي أيضاً. ومن هنا الشارع يأمر باجتناب الملاقي النجس. واستدلّ على ذلك بهذه الرواية والرواة في سندها كلهم ثقات إلا عمرو بن شمر، وجابر لم يفسّر من هو وهل هو ثقة أو لا، وعلى كل حال القدر المتيقن من سبب ضعف الرواية هو وجود عمرو بن شمر، في الوسائل بإسناده (محمّد بن الحسن) عن محمد بن أحمد بن يحيى عن محمد بن عيسى اليقطيني عن النضر بن سويد عن عمرو بن شمر عن جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال: أتاه رجل فقال: وقعت فأرة في خابية فيها سمن أو زيت، فما ترى في أكله؟ قال: فقال له أبو جعفر عليه السلام: لا تأكله، فقال له الرجل: الفأرة أهون عليّ من أن أترك طعامي من أجلها، قال: فقال له أبو جعفر عليه السلام: إنّك لم تستخفّ بالفأرة، وإنما استخففت بدينك، إنّ الله حرّم الميتة من كل شيء".

فكيف تحمّل الغمام عليه السلام الاستخفاف بدين جدّه أمامه ولم يضربه ضربةً على رأسه، هكذا كان الأئمة عليهم السلام مبتلين بالعطف والرحمة على البشرية كلها. على كل حال، السيّد الأعظم تصوّر أنّ الراوي يستدل بصدر الرواية وهو أن الراوي فاهم أن الملاقي للنجس ليس نجساً. هذا ملخّص استدلال هذا المستدل، واستدلاله فاسد وغير صحيح، باعتبار أنّه قاس الأحكام الشرعية بالأعراض الخارجية. وفي الأعراض الخارجية المنتقل منه والمنتقل إليه هو عرض واحد من حيث الماهية والحقيقة وإن كان من حيث التشخص مختلف ولكن الحقيقة واحدة. وهذا في الاعراض صحيح وأما في الأحكام الشرعية فلا فالحكم الشرعي ثابت لكل موضوع باعتبار من بيده الاعتبار وهو المولى جلّت عظمته فهو يعتبر أن هذا نجس وذاك طاهر وذاك ليس بنجس وهذا ليس بطاهر. فالنتيجة أن قياسه على الأعراض الخارجية، حسبما أتصور أنه يقيس، غير صحيح. وأمّا الردّ على سيّدنا الأعظم فحكم سيّدنا الأعظم بضعف الرواية صحيح فعمرو بن شمر لم تثبت وثاقته كما قلنا مراراً في مناسبات مختلفة، ولكن على السيّد أن يلتفت لموضوع استدلال الرواية من الرواية فمورد استدلال الراوي من الرواية ليس صدر الرواية، بل ذيل الرواية حيث جاء في ذيل الرواية في القول المنسوب إلى الإمام سلام الله عليه أنّ الله حرّم الميتة من كلّ شيء فالإمام يثبت الحرمة للميتة والدهن، والدهن ليس ميتة فكأن الإمام حسب فهم المستدل يثبت للدهن حرمة الميتة الثابتة للفارة. فكان على السيد الأعظم التأمل في ذيل الرواية.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo