< قائمة الدروس

آیةالله الشيخ بشير النجفي

بحث الأصول

45/06/24

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: تنبيهات دوران الأمر بين المحذورين.

أثار سيّدنا الأعظم أعلى الله درجاته في عليين بحثاً علمياً شريفاً دقيقاً وهو أنه هل إذا حصلت ملاقاة شيء ما لأحد أطراف العلم الإجمالي حيث نعلم بنجاسة أحدهما المعيّن واقعاً غير المعيّن لدينا ظاهراً فهل يُحكم بنجاسة الملاقي أو لا؟ وسعى قدّس الله نفسه في إثبات أنه لا يُحكم بنجاسته ولا يُحكم بوجوب الاجتناب عنه. ولكن ينبغي أن لا يشتبه الحال علينا بين كلام السيد الذي نريد أن نطرحه وبين الكلام الذي تقدّم منّا في الجلسة السابقة، حيث قلت إنّ الملاقي لأحد طرفي العلم الإجمالي يصبح طرفاً للعلم الإجمالي فكما لا يُحكم بنجاسة أحد الطرفين للعلم الإجمالي كذلك لا أريد أن أحكم بنجاسة الملاقي، ولكن الملاقي أصبح في حكم الملاقى يعني أصبح طرفاً للعلم الإجمالي، فهذا المطلب الذي قلناه. فلا يشتبه الحال بين ما التزمنا وبين ما يريد أن يثبته السيّد الأعظم. وأمّا السيّد الأعظم فيسعى بجهده المقدّس في إثبات أنّ الملاقي لا يحكم بنجاسته، فيقول لأنه الملاقي إنما يحكم بنجاسته بإحراز موضوعه والموضوع مؤلّف من أمرين أحدهما الملاقاة بأن يتحقق التّماس بين الملاقي وبين الملاقى، والثاني أن نحرز أنّ الملاقاة كانت للنجس فإن أحرزنا هذين الامرين فحينئذٍ يتحقق موضوع الحكم بنجاسة الملاقي. وفي المقام أحد الجزأين وهو الملاقاة حاصل، والجزء الثاني أنه قد لاقى نجساً لم نحرزه لأنّ الملاقى لم نعلم بنجاسته. هكذا أسّس هذا المطلب لبيان أنه لا يُحكم بنجاسة الملاقي ولا يُحكم بوجوب الاجتناب عن الملاقي بعنوان أنه نجس. فكأنه يقول هذا التعبير مسامحة فيقول لا تجري أحكام الملاقى للملاقي. ولأجل إثبات هذا المعنى وهو أنه لا تجري في الملاقي أحكام الملاقى ضرب مثالاً وهو أنّه إذا ولغ الكلب في ماء في إناء فلا شكّ في أنه الولوغ وهو الشرب بطريقة خاصة وهي انه يدفع لسانه في الماء ثمّ يمصّ لسانه وما عليه من الماء والرطوبة وهكذا يستمرّ إلى أن يشبع من الماء، هكذا خلق الله سبحانه طبيعة الكلب وهكذا يشرب الماء، فالشرب بهذا الطريق عُبّر عنه في اللغة العربية الشريفة بالولوغ، فحينئذٍ يقول يتنجّس الماء بلا إشكال ويجب في مقام تنجيس هذا الإناء الذي ولغ فيه الكلب تعفيره على ما قُرّر في محلّه. فيقول إذا لاقى شيء مثل ملعقة أو غيرها هذا الإناء الذي شرب منه الكلب فهذا الملاقي للماء لا تجري عليه أحكام التعفير باعتبار أنه لم يشرب الكلب الماء من هذا الملاقي وإنما شرب من الملاقى فقط. هكذا أفاد المثال رضوان الله تعالى عليه لبيان أنه لا تجري أحكام الملاقى في الملاقي. ولكنّه قدّس الله روحه الطاهرة حكمه بعدم الحكم بنجاسة الملاقي لأحد الطرفين نلتزم به لأنه يتوقّف على إحراز الملاقاة للنّجاسة ولم يُحرز ذلك فهذا صحيح ولكن تنظيره الشريف بمسألة الولوغ ليس واضحاً باعتبار أنّ الكلب ولغ في الماء الموجود في الإناء ولا شكّ أنّ الإناء هو ملاقٍ لما ولغ فيه الكلب لا أنّ الكلب ولغ في الإناء بل ولغ في الماء فقط. فالنتيجة أنّ هذا التنظير منه غير واضح بل هو يدلّ على عكس كلامه الشريف ودلالته أوضح من دلالته على ما يريد رضوان الله تعالى عليه. ولكن نحن أيضاً نلتزم بوجوب تعفير الملاقي للماء لأنّ أحكام الطهارة والنجاسة مثل أحكام الصلاة والصوم تعبّديّة بحتة جداً والله تعالى أمر بتعفير الإناء الذي تحقق فيه الولوغ لا مطلق الملاقي. ولذلك تعبّداً نلتزم بحكم الرسول صلى الله عليه وآله وهو انحصار التعفير في الإناء الذي حصل فيه ولوغ الكلب بالماء لا من جهة الملاقاة، هذا شيء. والمثال أجنبي عن كلام السيّد الأعظم.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo