< قائمة الدروس

آیةالله الشيخ بشير النجفي

بحث الأصول

45/06/23

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: تنبيهات دوران الأمر بين المحذورين.

ما زلنا في هذه البحبوحة التي أثارها أعلامنا رضوان الله عليهم في المقام وهي في حكم ثمرة أحد الطرفين. وأبرز مثال لهذا ما ذكره الأعلام من أنّ هناك شجرتين إحداهما مغصوبة ولا نميّز المغصوبة وبين غير المغصوبة. ولكن نعلم بأنّ إحداهما مغصوبة. وحصلت الثمرة لإحدى الشجرتين المغصوبتين. والنائيني حكم بالحرمة تكليفاً والضمان وضعاً بدعواه الشريفة التي فصّلناها في الجلسة السابقة وهي ما ملخّصه أن حكم الفرع حكم الأصل فما دام لا يجوز استخدام هذه الشجرة التي لها ثمرة بمقتضى العلم الإجمالي وأدلة حرمة غصب الشيء المغصوب فكذلك الثمرة فإن الثمرة ملحقة بالشجرة. والسيد الأعظم كما قلنا في الجلسة السابقة رفض كلا الأمرين وتمسّك بأنّ حرمة الشيء المغصوب معلوم ولكن إذا لم يميّز الإنسان أنّ هذا مغصوب فلا تتحقق في حقه الحرمة. وكذلك الضمان أيضاً فموضوعه هو التصرف في مال الغير ولم يثبت أنّ هذا مال الغير حتى يثبت الضمان، وهذا رفضناه فيما تقدّم وقلنا إنّ مقتضى العلم الإجمالي وجوب الاجتناب عن نفس الشجرة وعن الثمرة أيضاً. فإذا كانت الثمرة موجودة قبل وضع اليد عليها فحينئذٍ متعلّق العلم الإجمالي الشجرة مع ثمرتها، الشجرة مع اوراقها، الشجرة مع قشور جذعها والطرف الثاني أيضاً أحد طرفي العلم الإجمالي. وأما إذا كانت الشجرة حادثةً بعد وضع اليد عليها ففي مثل ذلك يتحقق علمان إجماليان أحدهما العلم الإجمالي بغصبية إحدى الشجرتين والعلم الإجمالي الثاني حرمة ثمرة هذه الشجرة أو حرمة تلك الشجرة. فيكون هناك علمان إجماليان. هذا هو الصحيح في التمسّك بوجوب الاجتناب عن الثمرة. وأما ما ذكره الشيخ الأنصاري رضوان الله تعالى عليه في مضمون كلامه من التمسّك بأنّ ما لم يعلم حرمته فهو حلال فهذا وإن لم يجد السيد الأعظم كما أفاد في المصادر الحديثية ولكن مضمون هذا المعنى موجود في الروايات وكذلك في الآيات أيضاً مثل لا يحلّ مال امرئ مسلم إلا بطيب نفسه، فمن هذا يستفاد ما استفاده الشيخ الانصاري. فإذاً هجوم السيد الأعظم على الشيخ الأعظم الأنصاري بأنّه هذا النص لم نجده ليس في محلّه فمقصود الشيخ الأنصاري أنّ هذا المعنى موجود في الروايات وثابت، فلا يمكن الإشكال عليه بأنه ليس موجوداً ولا يمكن الإشكال عليه بأنه مرسل فكلّ ذلك غير واضح. وأمّا تمسّك سيّدنا الأعظم باستصحاب العدم الأزلي فقلنا في بحث الاستصحاب ونقوله إن شاء الله في هذه الدورة أيضاً أنه الروايات الدالة على اعتبار الاستصحاب لا تعمّ استصحاب العدم الأزلي لأنّ العدم الأزلي ليس موجوداً. والعدم إن كان نفس العدم فهو ليس له وجود فليس هناك متيقن وإنما اليقين حالة نفسانية فقط كاليقين بعدم شريك الباري واليقين باستحالة اجتماع النقيضين واستحالة الدور واستحالة التسلسل فلا يوجد تسلسل في الدنيا ولا دور ولكن مع ذلك اليقين موجود فاليقين حالة نفسانية وليس له متيقن في الخارج. وكذلك اليقين باستحالة اجتماع النقيضين فكذلك في مثل هذا اليقين المتيقن وهو استحالة اجتماع النقيضين غير موجود في الخارج. ونفس اليقين ليس محط الاستصحاب وإنما محل الاستصحاب بمقتضى الروايات هو متعلق اليقين فمتعلق اليقين هو المستصحب وليس نفس اليقين ونفس اليقين إن كان منتفياً فكيف يجري فيه الاستصحاب؟! وفي مورد الاستصحاب اليقين بالبقاء يرتفع ويحلّ مكانه الشك. فلا بدّ أن يكون المستصحب إما أمراً وجودياً أو يكون ملحقاً بالوجود وهو أن يكون المستصحب شيئاً مضافاً إلى الوجود، يعني عدم مضاف إلى الوجود فحينئذٍ هذا العدم المضاف إلى الوجود يترتب عليه الأثر. فمثلاً لم يكن لزيد ابن قبل أن يموت وبعدما مات هل صار له ابن؟ فيكون العدم مضافاً إلى ابن زيد، وهذا العدم نستصحبه باعتبار أنه عدم مضاف وليس عدماً مطلقاً. وهو يستصحب العدم الأزلي وهذا جداً غير واضح.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo