< قائمة الدروس

آیةالله الشيخ بشير النجفي

بحث الأصول

45/06/19

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: تنبيهات دوران الأمر بين المحذورين.

الكلام في ما هو مرتبط بالعلم الإجمالي كأن يكون الإنسان له علم إجمالي بحليّة أحد الشيئين أو بحرمة أحد الشيئين أو بنجاسة أحدهما. والكلام في الملاقي لأحدهما فقط فقال رضوان الله تعالى عليه إنه لا يحكم بنجاسته وهذا واضح وكذلك إذا أكل واحداً منهما فلا يحكم بأنه أكل حراماً ولكن لا بدّ من امتثال الحكم المعلوم إجمالاً سواء كان هذا الحكم المعلوم إجمالاً حكماً تكليفياً أو كان حكماً وضعياً، وهذه الجملة منّا وليست موجودة في الكلام المنسوب إلى الأعلام رضوان الله تعالى عليهم. فطرحوا مثالاً ما إذا كان هناك علم إجمالي بأنّ أحد اللحمين لحم إنسان ميت نجس والثاني لحم طاهر وحلال فيقول في مثل هذه الحالة إذا حصلت ملاقاة لأحد اللحمين يتحقق فيه إحراز أنه لاقى نجساً فإذا لم يتحقق فالملاقي يبقى طاهراً وإن كان ذلك الملاقى في الواقع كائناً ما كان، هكذا فُرض. وهذا الحكم معروف ظاهر في كلمات الأعلام رضوان الله تعالى عليهم جميعاً، ولكن رتبوا على ذلك فرعاً آخر معقّداً وهو ما إذا كان هناك شجرتان إحداهما غصبية وكان هناك لإحدى الشجرتين ثمرة فهل العلم الإجمالي بغصبية إحدى الشجرتين يمنعنا من أكل ثمر إحدى الشجرتين أو لا؟ فالنائيني له رأي وتحقيق وغيره له رأي وتحقيق. والفرع الثاني وهو ثمر إحدى الشجرتين نتعرض إليه إن شاء الله بعد عرض كلمات الأعلام رضوان الله تعالى عليهم. والكلام فعلاً في أساس المسألة، الأساس الذي بنوا عليه تلك الثمرة، وهو ما قلنا إنه يعلم إجمالاً بأنّ أحد اللحمين لحم إنسان نجس والآخر لحم حيوان مذكى وطاهر وحلال، ففي مثل ذلك لا يجوز أكل أي منهما اجتناباً عن الحرام الواقعي المعلوم بالإجمال للمكلف وإذا جوّزنا ارتكابهما أو ارتكاب أحدهما فكأننا جوّزنا له الاندفاع إلى ارتكاب ما لا يتحقق به امتثال الحكم الواقعي فلا بد من امتثال الحكم الواقعي وترك الحرام الواقعي فلا يجوز أكل أيّ من اللحمين. ولكن الملاقي لأحد اللحمين لم نحرز أنه لاقى نجساً والذي هو موضوع النجاسة هو لمس وملاقاة النجس ولم نحرز ذلك فلذلك يحكم بطهارة الملاقي ولا يحكم بنجاسة الملاقي لأحد اللحمين، هكذا نُسب الكلام إلى الأعلام رضوان الله تعالى عليهم. وهذا الكلام حسب تصوّري جداً غير واضح. والوجه في ذلك أنّه في الواقع بعد التأمل في المثال هنا ليس علم إجمالي واحد بل علمان إجماليان. وقلنا مراراً إنّ العلم كما يتعدد بتعدد العالم فزيد يعلم أنّ هذا خشب وخالد أيضاً يعلم أنّ هذا خشب فعلم خالد غير علم زيد، فكذلك العلم يتعدد بتعدد المعلوم، فزيد يعلم بأنّ هذا الحيوان سخلة وذاك الحيوان فرس مثلاً فهذان علمان وليس علماً واحداً علم بانّ هذا سخلة وعلم ثانٍ بأنّ ذاك الحيوان فرس مثلاً فالعلم كما يتعدد بتعدد العالم كذلك يتعدد بتعدد المعلوم. وبعد هذا الانتباه البسيط نعود إلى مثال الأعلام رضوان الله تعالى عليهم، ففي الواقع في المثال الذي ذكره الأعلام أو نسب إليهم ليس هناك علم إجمالي واحد بل هناك علمان إجماليان أحدهما متعلّق بحرمة أحدهما وحلية أحدهما، والعلم الثاني في المثال المذكور بنجاسة أحدهما الذي هو حرام لأنه لحم إنسان والعلم بطهارة الآخر. فإذاً لدى المكلّف علمان إجماليان فكما يجب عليه الاجتناب وعدم مخالفة العلم الإجمالي الأوّل وهو حرمة أكل اللحم مثلاً كذلك يجب الاعتناء بالعلم الإجمالي الثاني فهو حجّة حتى إذا قلنا إنّ حجيّة العلم الإجمالي بتعارض الأصول كما يقول سيّدنا الأعظم، ونحن نقول إنّ العلم بما هو علم حجة سواء تعارضت الأصول أم لم تتعارض. فالنتيجة أنّ دعوى قول السيّد الأعظم وغيره من أنه لا تترتب إلا أحكام الحرمة فهذا غير واضح جداً.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo