< قائمة الدروس

آیةالله الشيخ بشير النجفي

بحث الأصول

45/06/18

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: تنبيهات دوران الأمر بين المحذورين.

ما زلنا في دائرة العلم الإجمالي. وانتقل كلام الأعلام منهم السيد الأعظم رضوان الله تعالى عليه إلى الملاقي لأحد أطراف العلم الإجمالي. فقالوا إذا كان الملاقي لكلا الطرفين شيء واحد يحكم بنجاسته وإذا كان الملاقي لأحد الطرفين شيء والملاقي للطرف الآخر شيء آخر فيتولّد هاهنا علم إجمالي آخر وهو أن الملاقي للطرف اليمين نجس أو الملاقي للطرف اليسار هو النجس؟ والكلام فيما إذا كان أحد الملاقيين لاقى أحد الأطراف فهذا الملاقي ما حكمه؟ هل يجب الاجتناب عنه أو لا يجب الاجتناب؟! السيّد الأعظم وغيره يقول إنه لا يجب الاجتناب عنه لأنه هناك شك في نجاسته فإذا كان هناك شك في نجاسته فمقتضى قاعدة الطهارة أنه محكوم بالطهارة وكذلك مقتضى استصحاب الطهارة. فقبل الملاقاة كان طاهراً والآن نشك في نجاسته فتستصحب الطهارة السابقة. وهذا الكلام بإطلاقه من كلمات الأعلام غير واضح. والوجه في ذلك أنه لا شكّ في صورة الملاقاة تنتقل الرطوبة من الملاقى إلى الملاقي قطعاً. وهذا شيء بديهي سواء كان الملاقي جسماً مثل الحجر أو مثل اليد أو كان ثوباً غاية ما هنالك أنه في الأجسام الصلبة الرطوبة ترتفع ولا تدخل في عمق الملاقي بخلاف الثوب فإنّ الرطوبة تدخل في عمق الملاقي. فحينئذٍ لا يمكن الحكم بطهارته وما أقول بنجاسته ولكن يصبح ملحقاً بالملاقى يلحق به في كونه طرفاً للعلم الإجمالي. فحينئذٍ يكون المعلوم بالإجمال إما الملاقي والملاقى في الجانب اليمين وإما نفس الكأس في الطرف اليسار. فحينئذٍ يصبح الملاقي في حكم الملاقى، بمعنى أنه كما يجب اجتناب الملاقى باعتباره طرفاً للعلم الإجمالي كذلك يحكم بوجوب اجتناب هذا. والسيد الأعظم أعلى الله درجاته في عليين مصرّ على مطلبين أحدهما أنّ العلم الإجمالي ينجّز التكليف، وهذا التعبير مبني على القول بمراتب الحكم، وقد قلنا مراراً إنه من أنياب الأغوال وأحد الأوهام القول بمراتب الحكم، هذا من جهة. ومن جهة ثانية يقول إنه هذا الملاقي لأحد الأطراف لا نعلم بأنه لاقى نجساً فأصالة الطهارة في الملاقي واستصحاب الطهارة في الملاقي يدلّان على عدم نجاسة هذا الملاقي. ولكن هذا الكلام على إطلاقه غير واضح. والوجه في ذلك أنه حينما لاقى الثوب أو أي جسم أحد الطرفين قطعاً أقل رطوبة من الماء تنتقل إلى الملاقي فيصبح الملاقي طرفاً ملحقاً بهذا الطرف الذي لاقاه هذا الجسم، ثوباً أو غير ثوب. فالنتيجة أنّ إصرار أعلامنا الأبرار على طهارة الملاقي مطلقاً جداً غير واضح. وأيضاً يصرّ أعلى الله درجاته في عليين على أنه وجوب الاجتناب من جهة تساقط الأصول، وهذا قلنا مراراً إنّ التعارض إنما يكون بالدلالة الالتزامية. فمثلاً الدليل دلّ على وجوب شيء ودليل آخر دلّ على حرمته فما دلّ وجوبه ينفي بالدلالة الالتزامية الحرمة والذي دلّ على حرمته بالدلالة الالتزامية ينفي الوجوب فيقع التعارض. وأما إذا لم نقل بالدلالة الالتزامية كما هو مختار الأعلام في الأصول العملية فحينئذٍ لا معنى لتعارض الأصول. نعم، الأصل لا يجري لا في أحد الأطراف ولا في جميع الأطراف. فنحن نرفض جريان الأصل العملي، وذلك لأنّ أدلّة الأصل العملي لا تشمل أطراف العلم الإجمالي لأنّ الأصل الجاري في هذا الطرف أو في ذلك الطرف، في أحدهما أو في كليهما، ينافيه العلم بوجود النجاسة في البين. فتلك الأدلّة التي دلّت على الأصول العملية وعلى حجيّتها مفادها ما إذا كان هناك شك فقط ولا يكون هناك علم. وهاهنا علم فمعلوم النجاسة موجود بينهما غاية ما هنالك لا أميّز النّجس عن غير النّجس. ولذلك فسّرنا لفظ الإجمال في كلمات الأعلام رضوان الله تعالى عليهم هناك في بحث القطع بفقدان الامتياز لا فقدان المعلوم أو فقدان العلم. فالنتيجة أنّ القول بعدم وجوب الاجتناب في الملاقي لأحد الطرفين وإن اشتهر في كلمات الأعلام ولكنّه غير واضح. وكذلك دعوى التعارض أيضاً غير واضحة. فالعلم بما هو علم هو حجّة ومع وجود العلم لا تجري الأصول لعدم شمول أدلّة الأصول لأطراف العلم الإجمالي لا لأجل التعارض كما قال السيّد الأعظم رضوان الله تعالى عليه.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo