< قائمة الدروس

آیةالله الشيخ بشير النجفي

بحث الأصول

45/06/17

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: تنبيهات دوران الأمر بين المحذورين.

كان الكلام في الجلسة السابقة في الصورة التي طرحها السيد الأعظم قدّس سرّه وهي ما إذا علم إجمالاً بأنّ الماء نجس أو التراب مغصوب أو بالعكس فأحدهما مغصوب والآخر نجس فاكتفى رضوان الله تعالى عليه بصلاة واحدة مع أن هذا فيه احتمال الصحة واحتمال الخطأ، وقلنا إنّ هذا الالتزام غير واضح علينا باعتبار أنه كيف يتقرب إلى الله تعالى بما يحتمل حرمته. فإذا كان محتمل الحرمة فلا يمكن أن يتقرب به إلى الله سبحانه. فلا يمكن الالتزام بذلك. وقلنا إنه يأتي فيه حكم فاقد الطهورين. ولا شك في أن فاقد الطهورين إذا صلّى بدون طهور تكون صلاته احتمالاً مقبولةً ولكن لا تكون فيه احتمال المعصية أبداً. هذا ما تقدم في الجلسة السابق ولكن نضيف إليه جانباً آخر وهو أنه إن قلنا بحجيّة الظن مطلقاً من أي سبب حصل ومهما كان متعلقه وإلا ففي الأصول لا نكتفي بالظن قطعاً ومن قال بحجية الظن مطلقاً إنما قال في الفروع، فإن قلنا بحجية الظن وكان أحد الطرفين أو الاحتمالين أرجى من الطرف الآخر ولكن لم يصل هذا الاحتمال الراجح إلى مرتبة الاطمئنان لأنه إذا وصل إلى مرتبة الاطمئنان فالاطمئنان لدى العقلاء حجة مثل أنّ العلم حجة، ولكن إذا لم يصل إلى مرتبة الاطمئنان فحينئذٍ إن قلنا بحجيته يجب أخذ الاحتمال الراجح بناءً على حجية الظن مطلقاً ولكن قد رفضنا في أوائل بحث الحجية فإنه لا دليل على اعتبار الظن أبداً. وإنما الحجة طريق العلم أو العلمي. ولكن قلنا إنه يمكن أنه يمكن أنه من يقول بحجية الظن يلتزم بترجيح أحد الأطراف على فرض حصول الظن. وبعد ذلك طرح رضوان الله تعالى عليه فرعاً آخر وهو ما إذا علم إما الماء نجس أو التراب مغصوب لا الاحتمالان معاً فيكل من الطرفين، فهناك احتمال إما الماء نجس أو التراب مغصوب أو العكس إما التراب نجس أو الماء مغصوب، ففي مثل ذلك رضوان الله تعالى عليه أيضاً التزم بأن يصلي بمحتمل النجاسة. فإن كان التراب محتمل النجاسة والماء محتمل الغصبية فيترك الماء ويتيمم ويصلي. وكذلك الأمر بالعكس إذا فرض أن الماء احتمال أنه نجس والتراب مغصوب ففي مثل ذلك يلتزم رضوان الله تعالى عليه بأن يصلي بالوضوء بالماء المغصوب. ولكن الشبهة التي أوردناها عليه في الفرع السابق تأتي هاهنا أيضاً أنه كيف يمكنه التقرب إلى الله سبحانه مع احتمال نجاسة الماء. فالنتيجة أنه إذا أراد الاحتياط فيصلي أولاً بدون طهارة كحكم فاقد الطهورين ثم بعد ذلك يعيد الصلاة بالوضوء وإنما قلت إنه بالوضوء يعيد لاحتمال النجاسة فإذا توضأ أولاً وصلى فربما أصبحت أعضاؤه نجسة فلا يمكن أن يحتاط بالصلاة بدون الوضوء والتيمم. فأولاً يصلّي بدون وضوء وبدون تيمم ثم بعد ذلك يعيد الصلاة نفسها بالوضوء بالماء محتمل النجاسة. وكذلك الصورة بالعكس إذا كان احتمال النجاسة في التراب واحتمال الغصبية في الماء فحينئذٍ يترك الماء ويأتي إلى التراب. فحينئذٍ أولاً يصلي بدون التيمم ثم بعد ذلك يتيمم ولكن هاهنا يمكن أن يقدّم الصلاة بالتيمم على الصلاة بدون تيمم إذ احتمال نجاسة الأعضاء غير موجود لأنّ الإنسان عندما يتيمم ينفض التراب من كفيه تماماً فلا يبقى التراب ولا أثره في اليد فهاهنا لا يحتاج إلى الترتيب بخلاف الصورة السابقة فهناك يحتاج إلى ترتيب. هذا تمام كلامنا في هذه الفروع. ثمّ بعد ذلك أثار السيد الأعظم البحث في الملاقي لأحد الأطراف. فإذا كان يعلم علماً إجمالياً بنجاسة أحد الإناءين فحينئذٍ إما أن يكون الملاقي يلاقي كلا الطرفين أو يلاقي أحد الطرفين أو هناك ملاقيان يلاقي أحدهما أحد الطرفين والملاقي الثاني يلاقي الطرف الثاني. هذه الصور المتصورة في الملاقي في المرحلة الأولى من الكلام في الملاقي.

فإن كان هناك ملاقٍ واحد لأحد الطرفين فحينئذٍ يلحق الملاقي بالملاقى فكما يجب الاجتناب عن الملاقى لأنه أحد الأطراف لا لجهة تعارض الأصول كما مرّ مراراً منا والسيد يصر على تعارض الأصول وإنه حينئذٍ يصبح الملاقي في حكم الملاقى. فيكون طرفا العلم الإجمالي هكذا إما الملاقي والملاقى نجس أو ذلك الطرف الآخر نجس. والعلم الإجمالي منجّز وهو قلادة في رقبة العالم. وأما إذا كان هناك ملاقٍ واحد يلاقي كلا الطرفين ففي مثل ذلك افرضوا أن يده لاقت هذا الطرف فلا بد أن يلاقي الطرف الثاني جزءاً آخر من الملاقي وأما إذا نفس الجزء لاقى فيحصل العلم التفصيلي بنجاسة ذاك الطرف الثاني وهذا خروج عن محل البحث. فلا بد أن يكون الطرف من اليد لاقى هذا والطرف الآخر لاقى الطرف الثاني فحينئذٍ اليد يعلم بنجاستها جزماً. وأما إذا كان الملاقي لهذا الطرف غير الملاقي لذاك الطرف ففي مثل ذلك يصبح الملاقيان في حكم كلّ من الملاقى. وهناك مطلب قلناه في محله وهو أنه تعدد العلم إما يكون بتعدد المعلوم أو بتعدد العالم وفي المقام وإن كان العالم واحداً ولكن المعلوم متعدد الملاقي لهذا والملاقي لذاك فيكون كل منهما طرفاً لعلم إجمالي غير العلم الإجمالي السابق. فالعلم الإجمالي الأول هو أن هذا الملاقى نجس أو ذاك الملاقى نجس وحصل له علم إجمالي آخر وهو أن هذا الملاقي نجس أو ذاك الملاقي نجس. هذا كلّه واضح وإنما الكلام في بعض الصور المعقّدة في ذيل هذا البحث إن شاء الله.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo