الموضوع: تنبيهات دوران الأمر بين المحذورين.

ما زال كلامنا وكلام السيّد الأعظم فيما إذا كان هناك علم إجمالي وكان الشكّ في المكلّف به. وتقدّم الكلام فيما إذا كان يعلم بنجاسة الماء أو التراب فهناك التزم رضوان الله تعالى عليه بتقديم التيمم بالتراب على الوضوء بالماء حتى لا يحتمل نجاسة الأعضاء. ولكن أضفت أنه لا بدّ من إعادة الصلاة الواحدة فيتيمم ويصلّي ثمّ توضّأ ويصلّي نفس الصلاة التي صلّاها لأنّه في مقام الاحتياط وهناك احتمال أن تكون الصلاة الأولى مطلوبة واحتمال أن تكون الصلاة الثانية مطلوبة فقد أحرز طاعة المولى قطعاً، وأما إذا صلى الصلاة مرة واحدة فلا يجزم بحصول الموافقة.

وفي المقام طرح رضوان الله تعالى عليه فرعاً آخر وهو ما إذا كان أحد الطرفين مستلزماً للحكم التكليفي بأن يعلم أن الماء مغصوب أو التراب مغصوب فإن كان أحدهما مغصوباً فكلّ منهما استخدامه مردّد بين أن يكون مطلوباً للمولى وبين أن يكون مبغوضاً للمولى. ففي مثل ذلك حكم رضوان الله تعالى عليه بأنه يتوضأ أو يتيمم فيصلّي وهذا جداً غير واضح عندنا. والوجه في ذلك أنه كيف يمكن للعبد أن يتقرب إلى المولى بفعل يحتمل أن يكون حراماً ومبغوضاً للمولى. فاحتمال كسب طاعة المولى وكسب التقرب يحدث بإحدى الحالتين الأولى أن يكون الفعل مطلوباً للمولى فيحرز ذلك ويتقرب بفعله وامتثاله إلى المولى، والثانية لا بل يحتمل أن هذا الفعل مطلوب فهذا المقدار يكفي لقصد التقرب إلى المولى، مثلما إذا تحير في القبلة بين الجهات الأربع فهناك المعروف بين العلماء أن يعيد الصلاة أربع مرات إلى كل جهة مع أنّ المطلوبة واحدة، ولكن بما أنّ كلّ صلاة يحتمل فيها المطلوبية فيتحقق منه قصد التقرّب إلى المولى. وأما إذا كان فعل إحدى الصلوات محرماً فلا يتحقق قصد التقرّب مثلما إذا رأى عبد المولى العرفي إنساناً بباب الغرفة ويحتمل أن يكون عدوّاً للمولى آتياً لقتل المولى وإما أن يكون ابن المولى فهل يمكنه أن يتقرب إلى المولى بقتل هذا الذي يحتمل أنه ابن المولى؟! لا يمكن ذلك. فالصحيح في مثل المقام وهو ما إذا احتمل غصبية الماء أو غصبية التراب أن يتركهما معاً، فيترك الوضوء ويترك الصلاة ويأتي بصلاة من دون طهور. فهو في حكم فاقد الطهورين ففي الواقع أحد الطهورين موجود ولكنّه في حكم فاقد الطهورين لأنّه لا يتمكّن من فعل شيء يقصد به التقرّب إلى المولى. ويحتمل أن تكون هذه الصلاة غير مطلوبة، لكن احتمال المطلوبية موجود. فإذا كان احتمال المطلوبية موجوداً فيتقرب به إلى المولى. فما أفاد السيد الأعظم جداً غير واضح.