< قائمة الدروس

آیةالله الشيخ بشير النجفي

بحث الأصول

45/06/13

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: تنبيهات دوران الأمر بين المحذورين.

ما زلنا في هذه المعضلة التي اثارها الأعلام رضوان الله تعالى عليهم في كتبهم الفقهية والأصولية وهي ما إذا كان يعلم المكلّف علماً إجماليّاً بنجاسة الماء المتوفر لديه أو التراب المتوفر لديه للتيمّم. ففي مثل ذلك لا بدّ من الجمع بين التيمّم وبين الوضوء. ولكن السيّد الأعظم قال إنه ربما يشكل بأنّ ذلك تشريع لأنّ أحدهما ليس صحيحاً قطعاً. فأجاب بأنه يأتي به رجاءً حتى لا يكون تشريعاً. وهذا الجواب غير واضح. والجواب الصحيح أنه يقصد الإتيان بالطهارة التي طلبها المولى مني وتلك الطهارة مرددة عندي بين الوضوء وبين التيمم، وذلك أن يتقرب لا بهذا بالخصوص ولا بذاك بالخصوص بل أتقرب بما هو مطلوب لله سبحانه منّي. فهذا الجواب السليم.

ثمّ الجمع بين الوضوء والتيمّم إنّما يحقّق اليقين بالبراءة إذا كان الإنسان يتيمّم ويصلّي ثمّ يعيد الصلاة بالوضوء. فحينئذٍ إحدى الصلاتين صحيحة قطعاً. فإن قدّم الوضوء وتوضّأ وصلى فإن كان الماء طاهراً فصلاته الأولى هي صحيحة وتكون الصلاة بالتيمم زائدةً وليست مطلوبة، فنفس الصلاة يعيدها بالتيمم. ولكن إن كان الماء نجساً فحينئذٍ وضوؤه غير صحيح لنجاسة الماء ولكن بما أنه ليس لديه ماء يغسل أعضاء الوضوء فصلاته بالتيمم تكون صحيحةً أيضاً. فالنتيجة أنه لا بدّ من الالتزام بتكرار الصلاة بكلّ واحدة من الطهارتين، بالوضوء ثمّ يعيد الصلاة بالتيمّم. وأما ما أفاده السيّد الأعظم من أنه يقدّم التيمّم على الوضوء فهذا لا يرفع المحذور الذي أشرنا إليه وهو محذور أنّه إما التراب نجس فصلاته صحيحة وإما إن كان الماء نجساً فصلاته تكون بنجاسة الأعضاء فلا تكون صحيحةً والتيمم أيضاً لا يكون صحيحاً بناءً على اعتبار الطهارة في أعضاء التيمم في الصلاة. فالصحيح والعلم عند الله وعند الراسخين في العلم أنّ الاكتفاء كما ظاهر كلامه الشريف بصلاة واحدة بهما معاً غير واضح والصلاة لا بدّ أن تكرّر بالتيمّم مرّةً وبالوضوء مرّةً أخرى ولكن إذا قدّم التيمّم ثمّ توضّأ فحينئذٍ احتمال نجاسة الأعضاء يذهب أثناء الصلاة لأنّ الصلاة الأولى صحيحة ولكن هذا الاحتمال لا قيمة له، والوجه في ذلك أنّ أعضاء الإنسان في الصلاة إذا كانت نجسة وهو عاجز عن غسلها فالصلاة صحيحة فلا معنى لهذا الاحتمال الذي أثاره السيّد الأعظم رضوان الله تعالى عليه.

فالصحيح والعلم عند الله وعند الراسخين في العلم هو أنه لا يكتفي بهما بصلاة واحدة بل يأتي بالصلاة بأحدهما ثمّ يأتي بالثاني ثمّ يعيد نفس الصلاة. فهذا هو الحلّ السليم والعلم عند الله وعند الراسخين في العلم إن شاء الله.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo