< قائمة الدروس

آیةالله الشيخ بشير النجفي

بحث الأصول

45/06/12

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: تنبيهات دوران الأمر بين المحذورين.

كنا بدأنا الكلام حول بحث أثاره السيّد الأعظم وغيره من أجلّائنا الأبرار وهو أنّه هل يعتبر في تنجيز العلم الإجمالي أن تكون الأصول الجارية في أطراف العلم الإجمالي في مرتبةٍ واحدة أو لا يشترط ذلك؟ قال رضوان الله تعالى عليه إنه يشترط ذلك فإذا كان الأصل الجاري في طرف متقدّماً على الأصل الجاري في الطرف الآخر لا يكون العلم منجّزاً بل يتنجّز العلم الإجمالي أن يكون الأصلان معاً في رتبة واحدة. ورتّب قدّس سرّه على ذلك مطالب علمية منها أنه إذا كان أمامه ماء وأمامه تراب فحينئذٍ إذا كان محتاجاً إلى التراب لأجل السجود عليه ومحتاجاً إلى الماء لأجل الوضوء أو الماء محتاجاً إليه لأجل الشرب والتراب محتاجاً إليه لأجل التيمّم بحيث يكون لكل منهما حاجة فعلية فحينئذٍ يكون العلم الإجمالي منجّزاً. وأما إذا لم يكن الأمر كذلك فلا يكون العلم الإجمالي منجّزاً. وأما إذا كان كلاهما في عرض واحد ففي مثل ذلك قال رضوان الله تعالى عليه يحتاط ويجمع بينهما، فإذا لم يكن لديه ماء غير هذا الماء ولم يكن لديه موضع للسجود غير هذا التراب ففي مثل ذلك يحتاط فيتيمم ويصلي مرّتين مرّةً بدون سجود على هذا التراب ومرة بنحو آخر، هذا ملخّص كلامه الشريف. ولكن ما أفاده رضوان الله تعالى عليه غير واضح. أمّا أوّلاً فإن قلنا إنّ الطولية والعرضية له تأثير في تنجّز العلم الإجمالي يعني إذا كان الأصل الجاري في أحد الطرفين مقدّماً على الأصل الجاري في الطرف الآخر في أصل التشريع المولوي ففي مثل ذلك نقول عندنا لا يفرّق الحال بين ما إذا كان الأصل الجاري في أحدهما مقدّماً أو لم يكن متقدّماً. ففي كلتا الحالتين إذا كان المكلّف عالماً بوجود التكليف فهو مكلّف باتّباع ذلك التكليف المعلوم ولا عذر له في ذلك. فالآيات والروايات صريحة بأنّ الإنسان مؤاخذ حسب علمه ولا يكون له عذر مع وجود العلم. نعم، إذا فقد العلم فقال الرسول الأعظم صلّى الله عليه وآله: "رفع عن أمّتي ما لا يعلمون"، هذا شيء. ومطلب آخر الذي خلط فيه السيّد أنّه فسّر الطوليّة والعرضيّة حسب حاجة المكلّف وليس ذلك واضحاً أبداً. فالطوليّة والعرضية تكون في مقام التشريع، فالله تعالى يشرّع الحكم في هذا الجانب مع فقد الحكم في ذلك الجانب فإذا كانت الطوليّة والعرضيّة في أصل التشريع فهناك نسّميها الطولية والعرضية وأما إذا كانت الطولية والعرضية حسب حاجة المكلف فحينئذٍ هو غير محتاج إلى التراب للتيمم أو غير محتاج لأجل السجود مثلاً ففي مثل ذلك لا يقال إنه الأصل الجاري في التراب متأخّر عن الأصل الجاري في طرف الماء، بل هما في عرض واحد. وبعبارة واضحة، إنّ الطوليّة والعرضية إنما تعتبر حسب التشريع الإلهي يعني أنّ الله إذا لم يشرّع هذا الحكم لا يشرّع ذلك الحكم، فحينئذٍ إذا كان الأمر كذلك فتثبت الطولية وأما إذا لم يكن الأمر كذلك ويكون حسب حاجة المكلّف فحسب حاجة المكلّف لا تثبت الطولية والعرضية. وعليه، ففي الكلام المنسوب إلى سيّدنا الأعظم خلط عجيب بين تفسير الطولية والعرضية، حيث فسّر العرضيّة حسب حاجة المكلف وإذا لم يكن محتاجاً إلى الطرفين في نفس الوقت فأثبت الطولية وإذا كان محتجاً إليهما معاً فحينئذٍ نفى الطولية، وليس الطولية والعرضية حسب حالة المكلّف بل حسب التشريع الإلهي. فعليه، ما أفاده السيّد الأعظم جداً غير واضح. أمّا أوّلاً فلأنّ الطولية والعرضية فسّرها بحسب حاجة المكلّف وليس كذلك. مثلاً الإنسان يعلم إنّ أحد الثوبين نجس وعنده ثوب ثالث فمقتضى كلام السيّد أنّ هذا العلم لا يكون منجّزاً لأنّه غير محتاج إلى هذين الثوبين وعنده ثوب ثالث مع أنّ مقتضى الأدلّة من الآيات والروايات أنّ المكلّف محاسب على علمه وإنما ترفع يد المؤاخذة إذا لم يكن عالماً كما قال الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله: "رفع عن أمّتي ما لا يعلمون" لا ما يعلم ومع ذلك هو مرفوع القلم عنه. فالصحيح والعلم عند الله وعند الراسخين في العلم أنّه لا تثبت الطوليّة إلا بواسطة التشريع الإلهي. ومع فرض الطولية ما دام هناك علم فهو مطالب باتّباع العلم، ولا مفرّ ولا مهرب من العلم للمكلّف العالم ولو كان التشريع والحكم في أحد الطرفين متقدّماً على التشريع والحكم في الطرف الآخر فما دام يعلم فهو محاسب عند الله سبحانه.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo