< قائمة الدروس

آیةالله الشيخ بشير النجفي

بحث الأصول

45/05/26

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: تنبيهات دوران الأمر بين المحذورين

طرحنا موضوع البحث في مسالة معيّنة في الجلسة السابقة وهو ما إذا لم نحرز تنجّز العلم الإجمالي بأن لا يكون جميع الأطراف تحت الابتلاء أو نشكّ بأنها تحت الابتلاء أو ليس تحت الابتلاء، ففي مثل ذلك هل يُتمسّك بالإطلاقات والعمومات في عالم الإثبات أو لا يتمسك بذلك؟ السيد الأعظم نسب إلى الشيخ الأعظم الأنصاري وكذلك إلى أستاذ الأعلام والمراجع المحقق النائيني أنه لا بدّمن التمسك بالإطلاق حينئذٍ حيث الإطلاق دلّ على حرمة النبيذ مثلاً. فحينئذٍ أحد أطراف هذه الكؤوس نبيذ وكلها ليست تحت الابتلاء أو أشك في أن كلها تحت الابتلاء أو لا. وصاحب الكفاية رضوان الله تعالى عليه قال إنه لا يرجع إلى الإطلاق بل لا يكون العلم الإجمالي منجّزاً أصلاً. والسيّد الأعظم رضوان الله تعالى عليه أرجعنا إلى مطلب أفاده هو وغيره في أوائل بحث حجيّة الظنّ وحجيّة الظواهر وهو أنه إذا جاء نصّ من قبل الشارع فلا بدّ من العمل به وتطبيق ذلك النص مطلقاً ما لم يكن هناك قرينة في عالم الإثبات متّصلة أو منفصلة تقتضي عدم وجوب اتّباع هذا المطلق أو هذا العموم. وباعتبار أنّه ينافي حكم الشارع "صدّق العادل، فالشارع أمرني بأن أصدّق العادل فيما ينقل عن مصادر التشريع إليّ، فالشارع قال يجب ترك النبيذ واحد هذه الكؤوس نبيذ، وقلنا إن المثال المعروف في كلمات الأعلام لعدم الابتلاء وهو كأس أمامي وكأس أمام الملك أو فوق سطح المرّيخ والقمر فهذا ليس مثالاً لعدم الابتلاء وإنما هو مثال لعدم القدرة. فالمثال لعدم الابتلاء أن يكون هناك كؤوس كثيرة جداً وأنا أنقذ حياتي بشرب واحد من هذه، هذا المثال الصحيح لهذا البحث. فإذا شككت في أن هذه الأطراف كلّها تحت الابتلاء أو ليست تحت الابتلاء فيقول السيد الأعظم إنّ مقتضى إطلاق أو عموم ما دلّ على وجوب ترك المسكر أنه يجب عليّ ترك جميع هذه الأطراف وإن كانت كلها ليست تحت الابتلاء مثل مخابز النجف فإذا علمنا أنه بعض هذه المخابز لا يلتزم بأحكام الطهارة والنجاسة الصادرة من حوزة النجف الأشرف فلا يعني ذلك ترك جميع الأطراف. هذان المثالان صحيحان لهذا البحث. فالسيد يقول إذا جاءك الأمر أو جاءك النهي فلا بدّ من التمسّك بإطلاق الأمر وإطلاق النهي لتحصيل الجزم بالامتثال إلا ان تكون هناك قرينة متصلة أو منفصلة. وفي الواقع، ما جاء في الكلام المنسوب إلى سيّدنا الأعظم فيه خلط بين مقامين المقام الأول هو التمسك بالإطلاقات وحجيّة الظواهر ونحو ذلك، ومقام آخر هو أن يكون الحكم في مورد الإطلاق وفي مورد العموم هل يمكن أن يصدر من المولى أو لا يصدر من المولى وليس الكلام في عالم الإثبات ماذا نفهم، وإنما الكلام في عالم الثبوت هل يمكن أن يمنعني الشارع من مخابز النجف لمحافظة النجف كلّها؟! لا يعقل ذلك لأنه يتنافى مع الأسس التي أسسها الشارع المقدّس لتنظيم حياة البشرية في إطار الشريعة المقدّسة. فإذا كان الأمر هكذا، فالنتيجة أنه إذا شككت في أن الأطراف كلّها تحت الابتلاء أو ليست تحت الابتلاء ففي مثل ذلك أشكّ في أنه هل يعقل أن يصدر من المولى حكم مقتضاه وجوب اجتناب جميع الأطراف أو لا يعقل أن يصدر؟ لا يعقل أن يصدر من المولى مثل هذا الحكم. حتى إذا شككت في معقولية صدور الحكم أيضاً لا يلتزم به لأنه لا بدّ في التمسّك بالإطلاقات والعمومات أن أحرز المعقولية. فمع إحراز عدم المعقولية ومع الشك في عدم المعقولية والمعقولية، في كلتا الحالتين، لا تصل النوبة إلى عالم الإثبات أبداً. ولذلك صاحب الكفاية ملتفت إلى هذه النقطة الأساسية لحلّ المعضلة وهو أنه لا بدّ من إحراز معقولية صدور الحكم ومعقولية التعبد من المولى في صدور هذا الحكم. فإذا لم نحرز مع الشك في تحقق الابتلاء أو مع الشك في أن الابتلاء شرط أو ليس شرطاً، في كلتا الحالتين، لم أحرز معقولية الصدور فإذا لم أحرز المعقولية في عالم الثبوت فلا تصلّ النوبة إلى عالم الإثبات أبداً. فالحقّ مع صاحب الكفاية حسب فهمنا والعلم عند الله وعند الراسخين في العلم.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo