< قائمة الدروس

آیةالله الشيخ بشير النجفي

بحث الأصول

45/05/25

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: تنبيهات دوران الأمر بين المحذورين

ذكر السيّد الأعظم في طيّ البحث السابق الذي أشرنا إليه وذكرنا قسماً منه أنه إذا كان هناك داعيان للعبد إلى فعل العبادة له صورتان فقد تكون الصورة بحيث كل من الداعيين ناقصاً في التأثير وكان مجموع الداعيين دعياً كاملاً ومؤثراً كاملاً ففي هذه الصورة أفتى رضوان الله تعالى عليه بعدم صحّة العمل، كما إذا كان الداعي إلى الصوم كسب الصحة مثلاً والداعي الآخر هو أمر الله سبحانه "كتب عليكم الصيام" فإذا كان كلّ من الداعيين مكملاً للآخر فحينئذٍ أفتى رضوان الله تعالى بعدم صحة العمل لأن العبادة حينئذٍ وهو الصوم في فرض المثال ليس بدافع غرض المولى فقط، وهذا نتفق معه فيه رضوان الله تعالى عليه. والصورة الثانية التي نختلف معه قدس سره فيها هو ما إذا كان الداعي من قبل المولى بمفرده كافياً في دفع العبد إلى إيجاد الصوم، وكذلك الداعي الناشئ من نفس العبد مع قطع النظر عن داعي المولى أيضاً كافٍ في دفع العبد وإرغامه نفسه على فعل الصوم. ففي مثل ذلك، إذا اجتمع هذان الداعيان معاً وكل منهما بمفرده كافٍ في إيجاد الفعل وفي دفع العبد نحو الفعل أفتى رضوان الله تعالى عليه في هذه الصورة بصحة العمل حيث إنّ الداعي من قبل المولى كافٍ في صحة العمل. وهذا الذي افاده السيّد الأعظم غير واضح. والوجه في ذلك أنّ الداعيين إذا اجتمعا كما كلّ منهما يؤثّر في المقتضى وفي صدور الفعل من العبد، كذلك يمانع الآخر في تأثير الفعل مثلما إذا كان هناك حرارتان حرارة من النار وحرارة من الكهرباء فكلتا الحرارتين مؤثران كل واحدة منهما كافية لتحمية الماء مثلاً ولكن أحدهما ليس بمفرده يؤثّر بل ذاك الآخر أيضاً يؤثر فيكون لكل من الداعيين تدافع فيما بينهما وتأثير في المقتضى والمعلول، أو نقول بتعبير آخر أنه ليس كلّ منهما في مقام التأثير مستقلاً بل كلّ منهما مع الآخر مؤثراً ففي مثل ذلك لا يكون العمل لله سبحانه فقط، بل يكون لله وللغاية الشخصية مثلما قلنا في الغاية من الصوم. فما أفاده رضوان الله تعالى عليه غير واضح. نعم، إذا كان كلّ من الداعيين كاملاً ولكن كان أحد الداعيين في طول الآخر لا في عرضه. فمثلاً الداعي للعبد إلى الصوم كسب الصحة للبدن "صوموا تصحوا" ولكن هذا الداعي ناشئ من أمر المولى بالصوم وهو أيضاً كافٍ فحينئذٍ يكون في الحقيقي الداعي الأساسي واحد وهو داعي المولى فحينئذٍ نحكم بصحّة العمل. أما في كون الداعيين في عرض واحد فلا يمكن الالتزام بصحة العمل لعدم تحقق الإخلاص لله سبحانه وحده. ثمّ هناك مسألة أثارها رضوان الله تعالى عليه وهذه المسألة مرتبطة بلزوم كون أطراف العلم الإجمالي تحت الابتلاء. فيقول قد نشك هل يشترط في تنجّز العلم الإجمالي أو حسب تعبيرنا وجوب اتّباع العلم الإجمالي أن تكون كلّها تحت الابتلاء أو لا؟! فهذا شك، أو نحرز أنه لا بدّ أن تكون الأطراف كلّها تحت الابتلاء لكن في هذا المورد محلّ ابتلاء المكلّف هل كلّها تحت الابتلاء أو لا؟ لا ندري، ففي هذه الحالة ما الحكم؟ هل يعتبر العلم منجّزاً حسب تعبيرهم أو غير منجّز؟ او يجب اتّباعه أو لا يجب اتّباعه؟ فمثلاً لا تشرب الخل وبين هذه الكؤوس أنواع من المشروبات وفيها خل أيضاً ولست أدري أن هذه الأطراف كلّها تحت الابتلاء أم لا حتى يجب اتّباع أمر المولى لا تشرب الخل حتى أترك جميع الأطراف أو لا؟ اختلفت عليه نظريتان، نظرية لصاحب الكفاية رضوان الله تعالى عليه ونظرية للشيخ الأعظم الأنصاري وتبعه المحقق النائيني فقال النائيني تبعاً للشيخ الأنصاري أنه هاهنا يجب اتّباع أمر المولى ما دمت لا تعلم أن كلها خارجة من الابتلاء أو لا فعليك الاجتناب عما تقدر عليه وعن الطرف الذي هو تحت ابتلائك. ومقابل هذين العظيمين صاحب الكفاية رضوان الله تعالى عليه يقول ليس الأمر كذلك بل حينئذٍ لا يجب اتّباع أمر المولى لا تشرب الخل. والسيّد الأعظم في مقام التأييد للشيخ الأنصاري وأستاذه الشيخ النائيني رضوان الله تعالى عليهم جميعاً يؤيد رأي الشيخ ويرفض رأي صاحب الكفاية. ورأي السيد الأعظم مبنيّ على مطلب وهذا المطلب تقدّم منه قدس سرّه مفصّلاً في أوائل بحث حجيّة الظواهر فهناك قال إنه إذا شككت في مورد أنه يجب عليّ اتّباع الأمر الصادر من المولى فهل يجب اتّباعه أو لا؟ فيقول إنّه بإطلاق الدليل في عالم الإثبات يجب عليك الاتّباع. ولكن أنا أقول أنّ الأمر بالعكس لأنه على هذه النظرية للسيّد الأعظم يصبح عالم الثبوت تابعاً لعالم الإثبات. ففي عالم الواقع لا أدري هل هذا مصداق لأمر المولى أو ليس مصداقاً. ومعلوم أن عالم الإثبات خاضع لعالم الثبوت وليس الأمر بالعكس. ومن هنا ما أفاد السيّد الأعظم غير واضح وللكلام توضيح إن شاء الله.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo