< قائمة الدروس

آیةالله الشيخ بشير النجفي

بحث الأصول

45/05/24

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: تنبيهات دوران الأمر بين المحذورين

 

الأعلام رضوان الله تعالى عليهم أصرّوا على مطلبين: المطلب الأول أنه لا بدّ أن يكون الأطراف كلّها تحت قدرة المكلّف حتى يكون العلم الإجمالي منجّزاً، يعني يكون التكليف ثابتاً. وهذا الكلام لا يمكن الالتزام به باعتبار أن قدرة المكلّف حادثة والتكاليف جعلت من قبل المولى حسب المصلحة التي اقتضت إنشاء الأحكام. فإذاً، قدرة العبد إنما تكون ملاكاً لتحقق عنوان الطاعة وعدم تحقق عنوان الطاعة لا أنّ التكليف متوقف على قدرة العبد. والقدرة ملاك المؤاخذة وملاك استحقاق الثواب والعقاب. وكذلك مسألة الابتلاء وأن الابتلاء شرط للتكليف فهذا أيضاً غير واضح، باعتبار أنّ الابتلاء بالأطراف له حالات، والابتلاء إنما الإنسان إذا علم بالتكليف ولو لم يكن مبتلىً فهو مخاطب بالتكليف ويجب على المكلّف تعلّم الأحكام حتى يعرف بما خوطب لا أنه إذا كان غير مبتلى فليس التكليف موجهاً إليه. ولذلك المثال الذي ذكره القوم بأنه كأس أمام المكلف وكأس على سطح القمر أو على سفرة الملك فذاك الكاس الذي على سفرة الملك ولست قادراً عليه ليس معناه أنه مباح لي بل هو حرام ولكنه أنا لست مبتلى به. فعدم الابتلاء لا يكون لأجل عدم التكليف ولا يعني عدم التكليف بل عدم الابتلاء يعني أنه غير قادر على ارتكاب الجميع، ولكن بما أنه يعلم أنّ هذا الكأس أو الكأس الذي أمام الملك محرّم فمقتضى العلم الإجمالي يجب اجتناب الكأس الذي يتمكن منه. ولذلك إذا كان هناك عشرون كأساً وهو مبتلىً بكأس واحد وليس الجميع لأن رفع العطش يكفي فيه كأس واحد فمقتضى كلامهم من أنه لا بدّ من الابتلاء فلا بدّ أن يجوز له ارتكاب بعض هذه الكؤوس مع أنهم لا يلتزمون بذلك. فالنتيجة أنّ شرطية الابتلاء أو شرطية أو القدرة للتكليف غير واضح. نعم، هناك ذكر السيّد الأعظم بعض المطالب العلمية منها أنه يقول إذا كان ترك الحرام أو فعل الواجب بداعٍ من العبد ولم يكن بداعي امتثال أمر المولى فيقول لا يعدّ ممتثلاً، وهذا الكلام منه غير واضح باعتبار أنّ المكلّف قد يترك الفعل خوفاً من عقاب المولى لأنه تحققت الطاعة وهي ترك الحرام وكذلك إذا ترك الفعل خوفاً من عقاب المولى فحينئذٍ أيضاً يتحقق الإطاعة وإن كانت درجة الطاعة تختلف باختلاف الموارد. وبعبارة واضحة، إذا كان داعي العبد خاضعاً وتابعاً لإرادة المولى فحينئذٍ يتحقق الامتثال، مثلاً يترك الحرام خوفاً من العقاب لا طاعةً للمولى فحينئذٍ قد تحققت الطاعة. وكذلك إذا أتى بالواجب طمعاً بثواب المولى وخوفاً من عقابه على ترك الواجب أيضاً تتحقق الطاعة. ولذلك سيّد الأوصياء على ما في نهج البلاغة قال إنّ الناس الذين يعبدون الله طمعاً في الأجر فهو عبادة الأجراء، فقال عبادة لا أنه ليس عبادة. وكذلك الذي يعبد الله خوفاً من العقاب فقال إنها عبادة العبيد، وعبادة الاحرار أن يفعل ذلك فقط وفقط خضوعاً لإرادة المولى وطلب المولى. فكلام السيّد على إطلاقه غير واضح هذا، وللكلام تتمّة.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo