< قائمة الدروس

آیةالله الشيخ بشير النجفي

بحث الأصول

45/05/21

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: تنبيهات دوران الأمر بين المحذورين

 

قلنا إنه أفاد الأعلام رضوان الله تعالى عليهم من لدن الشيخ الأعظم الأنصاري انتهاءً إلى سيّدنا الأعظم رضوان الله تعالى عليه وبحثوا هذا البحث أنه هل يشترط في تنجيز العلم الإجمالي للحكم أن تكون الأطراف كلّها تحت الابتلاء أو لا يشترط؟! الشيخ الانصاري قال إنه لا يشترط، وصاحب الكفاية قال إنه لا يشترط وهذا الملاك الذي ذكره في الحرمة يأتي في الوجوب أيضاً، والملاك هو خلق الداعي في نفس المكلف لترك الفعل فغذا كان الفعل خارجاً عن محل الابتلاء فهو متروك من قبل نفس المكلف من جهة عجزه أو خروجه عن محلّ الابتلاء، فلا معنى لجعل التكليف. وصاحب الكفاية قال عن هذا الملاك بعينه موجود في الوجوب أيضاً إذا كان المقصود من الأمر هو خلق الداعي إلى إيجاد الفعل. فإذا كان العبد لا يترك الفعل ودائماً هو ملتزم بالفعل بأي داعٍ آخر فلا يكون هناك داعٍ لخلق الوجوب. والسيّد الأعظم يفصّل في الوجوب فيقول إذا كان لا يمكن أن يصدر الفعل من العبد إلا بجعل من المولى وخلق الداعي فحينئذٍ يكون هذا التكليف ثابتاً وإلا فلا. وكل هذه الكلمات جداً غير واضحة علينا. والوجه في ذلك أنه تعرّض الأعلام رضوان الله تعالى عليهم إلى أنه هل الأحكام الشرعية اعتباطية أو لا بل مقيّدة بغايات؟ نُسب إلى الأشاعرة القول أو أكثرهم قالوا أن الأحكام اعتباطية وليس هناك غايات أبداً. والعدلية الإمامية والمعتزلة قالوا لا يعقل الفعل من المولى من دون غاية فلا بد من غاية، ولكن تلك الغاية هل تتحقق بجعل الحكم فقط او تتحقق بعد امتثال العبد للحكم؟! وهذه النظرية الثانية أشكل عليها بأنه يلزم من ذلك أن تكون غاية المولى خاضعة لإرادة العبد فإن امتثل العبد فأتى بالواجب وترك المحرّم تحققت الغاية وإلا فلا تتحقق الغاية، هكذا بحث مفصّل في محلّه. ونحن نقول في المقام لحلّ المعضلة التي وقعت فيها كلمات الاعلام أنه نفس وجود المكلف إفاضة من الله سبحانه لأنه واجب الوجود وفياض ولا يعقل لواجب الوجود أن يبقى بدون إفاضة إذ يلزم من ذلك البخل ولذلك خلق العباد من مختلف الفئات. ولذلك نفس خلق العبد كان نتيجة فيض المولى على العبد وإفاضته كرم الوجود. وكذلك الأحكام الشرعية أيضاً لأجل تعريض العبد وجعله في مقام العبودية حتى إذا أطاع حصل من المولى شرفاً وعزّاً وكرامة وإذا عصاه ابتلي بغضب المولى نستجير بالله سبحانه. فعلى هذا الأساس تكون الغاية من التكاليف هو تعريض العبد إلى الطاعة والمعصية حتى تتحقق منه الطاعة فيكون الفيض الإلهي شاملاً له وإذا تحققت منه المعصية فيستحقّ العقوبة. فالنتيجة أنّ جعل ابتلاء المكلّف ملاكاً للتكليف جداً غير واضح. فالتكاليف أنشئت لأجل تعريض العباد إلى الطاعة. ومعلوم أنّ الشيء الذي هو داخل تحت الابتلاء أو غير داخل تحت الابتلاء فنفس هذه الغاية من التكليف موجودة ومتحققة في الحالتين. وليس معناه أنه إذا لم يكن قادراً او لم يكن مبتلى فالحكم ليس ثابتاً في حقّه بل الحكم ثابت غاية ما هنالك هذا الحكم إما أن يمتثله أو لا يمتثله. فالنتيجة والصحيح والعلم عند الله أنّ خروج بعض الأطراف عن محلّ الابتلاء لا يرفع التكليف كما أفاد الشيخ الأعظم الأنصاري وكذلك لا يرفع التكليف بالوجوب إذا كان المكلّف متعوّداً أنه لا يترك الفعل، ولكن لا بدّ أن يكون العبد في مقام الطاعة ولذلك جُعل التكليف. هذا، وللكلام متابعة.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo