< قائمة الدروس

آیةالله الشيخ بشير النجفي

بحث الأصول

45/05/20

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: تنبيهات دوران الأمر بين المحذورين

 

طرحنا مطلباً ودخلنا فيه في الجلسة السابقة وهو أنّه العلم الإجمالي بالتكليف وبوجود التكليف بين الأطراف قال العلماء أنه يشترط في تنجّز أو التنجيز أو فعلية وتنجيز العلم الإجمالي أن يكون كل طرف تحت قدرة المكلف. وزاد الشيخ الأعظم الأنصاري في الطين بلّة وأضاف شرطاً آخر وهو أن يكون كل الأطراف تحت الابتلاء، فإذا لم يكونوا تحت الابتلاء فلا تنجيز ولا حكم ولا حرمة ونحو ذلك. وفي الواقع، هذا الكلام من العلماء أوّلاً ومن الشيخ الأعظم الأنصاري ثانياً ولحوق الشيخ صاحب الكفاية بهم بأن جعل ما أفاد الشيخ الأعظم الأنصاري ليس مختصّاً بالشبهة التحريمية بل يعمّ الشبهة الوجوبية أيضاً، وجاء تلميذه الشيخ النائيني رضوان الله تعالى عليهم جميعاً ورفض ما قال صاحب الكفاية. وكلّ كلماتهم خلط بين التكليف وبين لوازم التكليف. أما القول بمراتب الحكم، فأرادوا أن يحلّوا به المعضلة فقد رفضناه وقلنا إنّ الحكم وجوده اعتباري والأمور الاعتبارية لا يمكن أن تتغير، وأدنى تغيير في الأمر الاعتباري يعدم الأمر الاعتباري السابق ويحلّ محلّه أمر اعتباري آخر. فإذا اشترى زيد كتاباً من البائع بألف دينار ثم بعد ذلك قبل التسليم والتسلّم تغيّر رأي البائع فقال بألف وربع أو تغيّر رأي المشتري فقال ألف إلا ربع فحينئذٍ هذا البيع الثاني الذي يحدث بالتغيير في الثمن ليس عين البيع الأوّل لأنّ التغيير في البيع تغيير في الأمر الاعتباري فذاك الأمر الاعتباري ألغي يعني فُسخ البيع، فقبل التسليم والتسلّم كلّ من الطرفين قادر على فسخ البيع، ففُسخ البيع وحلّ محلّه بيع آخر فلا يقال إنّ البيع تغيّر. ربما يقال ذلك ولكن هذه مسامحة لا أنه البيع تغير بل البيع الأول ذهب وحلّ محلّه البيع الثاني، فالعقد الأوّل ذهب وحلّ محلّه عقد ثانٍ، والعقد وجوده اعتباري والأمور الاعتباري لا تتغير وإنما تتبدل بمعنى أنه ينتهي الأمر الاعتباري ويحلّ محلّه أمر اعتباري آخر. فلا يمكن التغيير في الحكم فالقول بمراتب الحكم ليس له معنىً واضح أبداً.

مطلب آخر وهو أنّه العلم بالتكليف شرط في الموضوع الذي يكلّف به المكلف ويتعلق به التكليف، وإذا وُجد العلم يكون صالحاً ومشمولاً للتكليف لا أنّ التكليف يوجد بعد العلم فهذا غير واضح. وكذلك القدرة على الامتثال أو على المعصية والعياذ بالله هي لازم التكليف وليست نفس التكليف، فالإنسان إذا كان قادراً على ترك الحرام ولم يترك فلازم التكليف أنه يستحق وليس هو علّة للتكليف. وكذلك الموضوع لا يعقل أن يكون علّة للتكليف، بل التكليف معلول لفعل الله سبحانه، فالله ينشئ التكاليف وهو أنشأها ومثلما يقولون جفّ الحبر وانتهى فقال تعالى "اليوم أكملت لكم دينكم". فجدّ السادة الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله يمسك بعضادة الباب كما يقال في آخر حجة الوداع ويقول ما من شيء يقربكم إلى الله إلا بيّنت لكم وما من شيء يبعدكم عن الله إلا بينت لكم، أين بيّنها؟! يعني أملى هذه الأحكام كلّها على ابن عمّه أمير المؤمنين سلام الله عليه وكان ذلك الإملاء موجوداً، وهو موجود عند حفيده الإمام المنتظر عجّل الله فرجه الشريف. فالنتيجة أنه ليس هناك تكليف جديد. ثمّ إنما تكون مع القدرة مؤاخذة وبدون القدرة لا تكون مؤاخذة واستحقاق العقاب والعقاب ليس عبارة عن التكليف بل استحقاق العقاب من فعل العبد ومن تجاوزه على الحدود الشرعية والعقوبة فعل المولى وليس حكماً شرعياً. فالنتيجة أنّ القدرة على الأطراف إنما هي من لوازم التكليف لا هو نفس التكليف أو شرط التكليف كما قاله العلماء، وكذلك الابتلاء إنما هو من لوازم التكليف وإذا لم يوجد ابتلاء لا يوجد تكليف لا أنّه هو شرط التكليف.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo