< قائمة الدروس

آیةالله الشيخ بشير النجفي

بحث الأصول

45/05/19

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: تنبيهات دوران الأمر بين المحذورين

ما زال الكلام في البحوث التي أثارها العلماء رضوان الله تعالى عليهم أحياءً وأمواتاً في الشك في المكلف به. ومن جملة تلك المباحث قالوا يشترط في تنجيز العلم الإجمالي للتكليف مع قطع النظر عن الإشكال في تعبيراتهم أن تكون الأطراف كلّها تحت القدرة، وأما إذا خرج بعضها عن تحت القدرة فحينئذٍ لا تنجيز للعلم، لأنه يشترط فيه القدرة. وهذا الكلام منهم رضوان الله تعالى عليهم فيه غموض جداً وغير واضح. وذلك أنه هل القدرة شرط في أصل التكليف أو القدرة ليست شرطاً في التكليف؟ وشرطية القدرة في التكليف من المسلّمات لدى الجعفرية. وقال بعض غير الجعفرية من أبناء العامة أنه يمكن أنّ الله سبحانه ويجوز له أن يكلّف العبد بما لا يستطيعه، وهذا رفضه العلماء في محلّه. فإذا كانت القدرة شرطاً في التكليف فحينئذٍ ليس عند المكلف قدرة على ارتكاب ذلك المحرّم الذي هو موجود وإنما يحتمل ان يكون قادراً. فإن كان المحرّم هو الطرف الذي تحت اختياره فهو قادر عليه وإن كان ذلك أمام الملك ونحو ذلك فهو غير قادر عليه. فحينئذٍ شرط القدرة مفقود في مثل ذلك. فإذا كان الشرط مفقوداً، فتعبير العلماء بأنّ العلم غير منجِّز وأنّ التكليف غير منجَّز فيبه نحو من الإغلاق والإجمال، باعتبار أنهم من جهة قالوا إنّ القدرة شرط في أصل التكليف، وهاهنا قالوا إنه لا تنجيز لهذا العلم. العلم بالتكليف غير موجود لأن العلم بالتكليف يشترط فيه ان يكون لدى المكلّف علم بالقدرة على التكليف، والمولى إذا كان يعلم بأنّ العبد غير قادر أو ليس متعلّق التكليف تحت قدرة العبد فحينئذٍ التعبير الصحيح هو أنه لا تكليف لا أنه فقط لا علم بالتكليف بل لم يحرز التكليف وإنما هناك احتمال للتكليف فقط لا انه هناك علم بالتكليف وغير منجّز كما قال الأعلام رضوان الله تعالى عليهم. وإنما هو احتمال التكليف. فإن كان هذا الطرف الذي امامه وتحت اختياره هو محل الحرمة ومحل التكليف فهو قادر وغن كان ذلك الآخر الذي هو بعيد عن قدرته فلا تكليف أصلاً. فإذاً، التعبير السليم هو أنه لا علم بالتكليف لا أنه العلم بالتكليف موجود ولكنّه غير منجّز كما قال الأعلام، منهم السيّد الأعظم على ما نُسب إليه بقلم السيد سرور رضوان الله تعالى عليه. ثمّ أضاف الشيخ الأعظم الأنصاري رضوان الله تعالى عليه مطلباً آخر كأنّه ذاك غير مطروح في كلمات الآخرين. وهو أنه يشترط في تنجيز العلم الإجمالي بالتكليف (وأيضاً نفس التعبير) أن تكون الأطراف كلّها تحت الابتلاء. وأما إذا كان بعضها خارج عن الابتلاء، فحينئذٍ التكليف غير منجّز، هكذا قال. وضربوا مثالاً أنه إذا كان أحد الأطراف أمامه والآخر على المريخ مثلاً، فذاك الذي هو على سطح المرّيخ غير مبتلى به. هكذا طُرح هذا البحث في كلمات الأعلام. وخصّ الشيخ الأنصاري هذا البحث بالشبهة التحريمية، وصاحب الكفاية عمم هذا البحث للشبهة الوجوبية أيضاً. والنائيني تصدى لنصرة الشيخ الأنصاري وأنه لا يأتي هذا في الشبهة الوجوبية، وهذا نتكلم فيه. ولكن فعلاً الكلام هنا في أنه هذا الشرط وهو أن يكون المكلف مبتلى به وإذا لم يكن مبتلى به لا يكون مكلفاً، كيف؟ قالوا في طرح هذا البحث أنه إنما التكليف بالتحريم يأتي لأجل خلق الداعي للمكلف لترك هذا الفعل، وبما أنه هو غير مبتلى به فلا داعي في قلبه حتى ينشئ المولى الحرمة لخلق الداعي للترك. هكذا قالوا، وهذا غير واضح جداً. فهناك ملاحظات، منها أنه إن كان الداعي إلى الارتكاب شرطاً في الحرمة فمعنى ذلك أنّ تلك السباع التي تعيش في الصحراء لا نعلمها فلا تكون محرّمة فهل يمكن للمكلّف ان يقول ليست محرّمةً؟ أو مثال آخر وهو أنّ عبد الملك ليس مبتلى ببنت الملك وبزوجة الملك فهل هذا يعني أنها ليست محرّمة؟! وهل خلق التكليف لأجل خلق الداعي؟! فهذا غير واضح وللكلام متابعة.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo