< قائمة الدروس

آیةالله الشيخ بشير النجفي

بحث الأصول

45/05/05

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: تنبيهات دوران الأمر بين المحذورين

 

ما زلنا في ساحة بحث العلماء رضوان الله تعالى عليهم في ما إذا اضطرّ الإنسان إلى شرب أحد الماءين أو ارتكاب أحد طرفي العلم الإجمالي فهل هاهنا يرتفع التكليف او لا يرتفع التكليف؟! ظاهر السيّد الأعظم وآخرين مثل الشيخ الأعظم الانصاري رضوان الله تعالى عليهم أنه لا يرتفع التكليف وإنما ترتفع المؤاخذة. وهذا الكلام غير واضح جداً باعتبار أنه قلنا إن الأحكام الشرعية إن قلنا بمراتبها فيمكن أن يقال إنّ الحكم له مرتبة ومن حيث مرتبة موجود ومرتبة أخرى غير موجودة، ولكن قلنا مراراً إنّ القول بمراتب الحكم غير معقول ومقولة غير معقولة من أساسها. فعلى هذا الأساس، لا معنى لبقاء الحكم بمرتبة وارتفاعه عن مرتبةٍ أخرى ولا يرجع إلى معنىً معقول واضح. وإن قلنا بعدم مراتب الحكم فالحكم أمره يدور بين وجوده وبين عدمه فإن قلنا إنّه موجود فلا معنى لقوله صلى الله عليه وآله رفع عن أمتي ما لا يعلمون. وكذلك لا معنى لكون المؤاخذة تكون مع العلم إذ المؤاخذة إنما تكون على مخالفة الحكم الواقعي وأما إذا كانت المخالفة اعتقادية فذاك ليس مخالفة وإنما هو تجرٍّ فقط فهو يعتقده حراماً ولم يكن حراماً وهذا تجرٍّ والشيخ الأعظم وكذلك السيد الأعظم لا يقولان بحرمة التجري. فعلى هذا الأساس، نقول كما قلنا في البحث حول البراءة وضمن البحث عن حديث الرفع وهو أن العلم بالحكم ونفس الحكم متضايفان لا يمكن أن يتحقق أحدهما بدون الآخر. فإذا كان هناك حكم فلا بدّ من علم، ومع عدم العلم لا حكم أصلاً. فالشارع المقدّس يرفع التكليف في صورة الجهل. نعم، إذا لم يتعلّم أو قصّر في العلم فذاك مطلب آخر خارج عن محلّ الكلام. وأمّا دعوى أنّ الحرمة موجودة والشارع لا يؤاخذه مع ارتكابه فمعناه أنّ الشارع جعل الحرمة وإن لم يكن المكلّف ملزماً باتّباعه، وهذا غير صحيح. فالصحيح أنّ العلم والمعلوم، العلم بالحكم ونفس الحكم متضايفان ولا يمكن أن يوجد أحدهما بدون الآخر. فإذا كان هناك علم بالحرمة فالحرمة موجودة وإن لم يكن هناك علم لم تكن هناك حرمة أصلاً. وقد ذهب النائيني أيضاً إلى ارتفاع الحرمة واقعاً، ونحن نوافق النائيني رضوان الله تعالى عليه فيما أفتى به ولكن نختلف معه في الطريق. فهو جعل الحرمة مرتفعةً واقعاً باعتبار أنّ الشارع لم يجعل الحرمة، يعني لم يعطِ للمكلّف طريقاً لمعرفة الحرمة، فمن هذه الجهة ترتفع الحرمة. ونحن نقول لا، بل الحرمة إنما تثبت في صورة العلم بها ومع عدم العلم ليست ثابتة. والمكلّف في محلّ البحث مضطرّ إلى شرب طبيعي الماء، وطبيعي موضوع والشرب هو متعلّق الحرمة ومتعلق الحكم على فرض ثبوتها، وليس هو مضطرّاً إلى أحد لا بعينه، فقلنا إنّ هذا معنى غير معقول من أساسه. فالنتيجة والعلم عند الله وعند الراسخين في العلم أنه هو مضطرّ إلى طبيعيّ الماء، فطبيعي الماء أينما تحقق، سواء تحقق في الكأس الشرقي أو في الكأس الغربي، فهو مضطر فإن كان هناك حرمة فيما يختاره فالحرمة ترتفع واقعاً. فالنتيجة والعلم عند الله والراسخين في العلم أنّ الحرمة في حالة الاضطرار ترتفع وهذا مفاد قوله سبحانه في كتابه العزيز: "فمن اضطرّ غير باغٍ ولا عادٍ فلا إثم عليه" فلا يكون هناك إثم أصلاً ونفي الإثم معناه نفي الحكم لا أنّ الحكم باقٍ والإثم غير باقٍ، فهذا غير واضح. هذا، وللكلام متابعة.

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo