< قائمة الدروس

آیةالله الشيخ بشير النجفي

بحث الأصول

45/04/30

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: تنبيهات دوران الأمر بين المحذورين

 

ما زلنا في محاولة فهم كلمات الأعلام رضوان الله تعالى عليهم في هذه الصور التي طرحت في كلماتهم. منها أنه إذا كان هناك منشأ للتكليف، كما هو التعبير الدقيق، وهو وقوع النجاسة في أحد الإناءين ثمّ بعد ذلك حصل الاضطرار إلى ارتكاب واحد معيّن أو غير معيّن بعدما اضطر وحصل له العلم بالتكليف. فهنا السيد يقول إنه هاهنا التكليف لا يكون منجّزاً. وهذا الكلام حسب فهمنا غير واضح، باعتبار أنه في المقام لا علم بالتكليف أصلاً لأنّ منشأ التكليف وهو وقوع النجاسة في أحد الأطراف أو في أحد الطرفين كان قبل الاضطرار، وحصل الاضطرار فيرتفع التكليف عن ذلك الطرف المضطر إليه إن كان الاضطرار إلى طرف معيّن وإذا كان الاضطرار إلى غير المعيّن فحينئذٍ أيضاً إن كان الذي يرتكبه للاضطرار فالتكليف مرتفع. فالنتيجة أنّ العلم بالتكليف غير موجود في المقام حتى يأتي الكلام في أنّ العلم منجّز حسب تعبير الأعلام أو غير منجّز باعتبار أنّ ما ارتكبه أو وجب عليه ارتكابه للاضطرار إن كان فيه منشأ التكليف وهو وقوع النجاسة فقد ارتفع والطرف الثاني مشكوك فيه وإن كان وقوع النجاسة احتمالاً في الطرف الثاني فأحد الطرفين المضطر إليه معيّناً أو غير معيّن لا تكليف فيه وأما بالنسبة إلى الطرف الآخر فوقوع التكليف مشكوك فلا معنى للقول المنسوب إلى سيّدنا الأعظم أنه يعلم بالتكليف.

ثمّ الشبهة التي أثارها السيد الأعظم أمامه ثم حاول الجواب عنها وتتلخّص بأنّه إذا كان المكلّف جنباً واغتسل وصلّى يوماً أو يومين وبعد ذلك علم أن الماء الذي اغتسل به كان نجساً ولا يصحّ الغسل به فحينئذٍ قال السيد وغيره أيضاً وقلنا ونقول به أيضاً أنه لا بدّ من إعادة الصلوات التي صلّاها بذلك الغسل قبل أن يعلم. فهاهنا قالوا بترتيب الأثر فلمَ لا يرتب الأثر في المقام؟ وهذه الشبهة التي أثارها السيد الأعظم في المقام أجنبية عن محل البحث. ففي محل البحث كما قلنا لا علم بالتكليف أصلاً، لا إجمالاً ولا تفصيلاً. وعلى فرض وجود العلم فهو إجمالي بخلاف تلك الشبهة التي أثارها السيد الأعظم فهناك علم تفصيلي بالجنابة ثمّ علم تفصيلي ببطلان الغسل للعلم التفصيلي بكون الماء نجساً، فالنتيجة أنه هناك في الجملة كل المعلومات معلومة بالعلم التفصيلي بخلاف المقام فإنّ العلم بالتكليف على فرض ثبوته فهو علم إجمالي. فلا ربط لتلك الشبهة التي ذكرها السيد الأعظم بمحل الكلام، ففي المقام إن وجد العلم فهو علم إجمالي والمفروض أنّ العلم غير موجود لأنّ المعلوم غير موجود لأنّ النجاسة التي حصلت قبل الاضطرار إما مشكوكة بعد الاضطرار وإما مرتفعة قبل الاضطرار. فالفرق واضح بين محل البحث وبين الشبهة التي ذكرها السيد. وما ذكرناه في بحث البراءة حيث أشكل بعض الإخوة علينا هو أنّ الشارع المقدّس هو جعل التكليف وتعبير الفقهاء وتعبير بعض الروايات أيضاً أنه التكليف وضع للعالم وليس يعني ذلك كما قلت في وقته أنّ العلم متقدّم والتكليف يأتي بعد ذلك بل أقول إنّ العلم موضوع لاستحقاق المؤاخذة وهذا هو المعنى لقولنا التكليف للعالم وإلا فالتكاليف جعلت للموضوعات علم المكلف بها أو لم يعلم بها. فما قلته هناك من أنه لا تكليف للجاهل بمعنى أنه ليس الجاهل مؤاخذاً ومستحقاً للمؤاخذة على مخالفة التكليف، والتكليف ليس مختصاً بالعالم وإلا فلو قلنا إن التكليف لا يأتي للجاهل فيلزم من ذلك شبهة الدور الذي رفضناه وقلنا إنّ شبهة الدور لا تأتي باعتبار أنّ كلّاً منهما العلم الذي هو موضوع الاستحقاق والتكليف في عرض واحد وليس أحدهما متقدّماً والأخر مؤخّراً وللكلام تتمة إن شاء الله.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo