< قائمة الدروس

آیةالله الشيخ بشير النجفي

بحث الأصول

45/04/29

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: تنبيهات دوران الأمر بين المحذورين

 

ما زلنا في مقام فهم الكلام المنسوب إلى سيّدنا الأعظم رضوان الله تعالى عليه وهو أنه إذا حصل التكليف ثم حصل الاضطرار إلى بعض الأطراف ثم علم المكلف إجمالاً بأنه هناك تكليف إما بهذا الطرف من أطراف العلم أو ذاك الطرف، فحينئذٍ يقول رضوان الله تعالى عليه في مضمون كلامه الشريف إنه لا يعدّ هذا تكليفاً قبل العلم وإنما يكون بعد العلم. فبما أنّ الاضطرار جاء قبل العلم والعلم جاء بعد الاضطرار فلا يكون هناك تكليف أصلاً، لا قبل الاضطرار ولا بعد الاضطرار. أما قبل الاضطرار فلأنّ العلم مفقود، وأما بعد الاضطرار فالاضطرار موجود وإن كان العلم موجوداً فالعلم موجود ولكن الاضطرار يرفع، فلا تكليف حينئذٍ. وهذا الكلام منه رضوان الله تعالى عليه غير واضح، فقد قلت في الجلسة السابقة إنّ العلم كاشف وتابع للمعلوم ولا يُعقل ان يكون المعلوم تابعاً للعلم ولا يعقل أن يكون المعلوم متوقفاً على العلم. ففي كلامه رضوان الله تعالى عليه خلط بين استحقاق المؤاخذة والإثابة وبين أصل التكليف. فأصل التكليف فعل من أفعال المولى جلّت عظمته فإذا كان فعل المولى فسواءٌ وجد زيد في الدنيا أم لم يوجد، وُجد وعلم بالتكليف أو لم يعلم فالتكليف خاضع لإرادة المولى فقط وليس خاضعاً لعلم زيد. فعلى هذا الأساس، لا يكون هناك مؤاخذة قبل العلم ولا يستحق المؤاخذة وأما قوله الشريف أنه لا تكليف قبل العلم وهو ملتفت إلى بعض الإشكالات التي عبّر عنها بالشبهة وهو ما إذا صلّى بدون طهارة أو بثوب نجس ثم بعد ذلك علم قالوا إنه إذا قلنا يأتي إشكال عليه فمعناه حينئذٍ أنه لا تجب عليه إعادة الصلاة باعتبار أنه لم تكن الطهارة موجودةً ولم يكن هناك تكليف بالوضوء قبل الصلاة فاعبر هذا شبهةً وليس كذلك فكلّ كلامه مبنيّ على الخلط. نعم، إن قلنا بمراتب الحكم فيمكن أن يقال إنّ مرتبةً من مراتب الحكم لا تتحقق إلا بعد العلم لا أنّ أصل الحكم لا يتحقق قبل العلم. والقول بمراتب الحكم غير معقول. ولذلك التزمنا وألتزم بأنّه حينما نقول بأنه ليس له تكليف لا نعني أنّ الشارع لم ينشئ التكليف، فقد قالوا وهي مقولة معروفة بين الإمامية كلهم تقريباً وهي أنه الأحكام الشرعية مشتركة بين العالم والجاهل، وليست مختصة بالعالم. وعبّروا عن صلاحية الحكم للمؤاخذة بمرتبة التنجّز أو مرتبة الفعلية على اختلاف آرائهم. وهذا خلط بين أصل الحكم وبين المؤاخذة، فالمؤاخذة لا تكون إلا بعد العلم لا أنّ نفس التكليف لا يكون إلا بعد العلم. هذا، وللكلام تتمة.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo