< قائمة الدروس

آیةالله الشيخ بشير النجفي

بحث الأصول

45/04/28

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: تنبيهات دوران الأمر بين المحذورين

 

ما زلنا في الصور التي طرحها علماؤنا الأبرار منهم السيد الأعظم أبو القاسم الخوئي قدّس سرّه حول هذه المسألة إذا كان هناك علم إجمالي بوجوب اجتناب أحد الأطراف وحصل الاضطرار. وقلنا إنّ السيّد قسّم تبعاً لغيره هذه الصورة إلى صور: أن يكون الاضطرار قبل التكليف أو يكون التكليف قبل الاضطرار وفي ضمن هذه الكلمات أشار إذا كان هناك العلم بالتكليف أو الاضطرار والتكليف سويّةً. هذه الصور التي طرحت في كلمات الأعلام رضوان الله تعالى عليهم فيها إجمال كثير جداً، نذكر مقدّمةً بسيطةً تكون مفتاحاً لحلّ صور هذه المسألة الأصولية المعقّدة. وهذه المقدّمة تتلخّص في أنّه ينبغي أن نعلم أنه لا يفرّق بين أن يكون العلم بالتكليف قبل الاضطرار أو يكون الاضطرار إلى الارتكاب قبل العلم بالتكليف. فإذا كان هكذا، فالنتيجة واحدة وهي أنّ التكليف لا يتحقق أو يرتفع، ولكن التعبير بأن التكليف يرتفع أيضاً ليس واضحاً وليس دقيقاً. والوجه في ذلك أنّ المكلّف في حال الاضطرار فاقد للإرادة والاختيار والإرادة والاختيار شرط أساسي لكل تكليف وبما أنّ المكلّف فاقد للاختيار ومضطر إلى الارتكاب فحينئذٍ إذا كان الاضطرار حاصلاً قبل التكليف فلا يقال إنّ التكليف يتحقق بل يقال إنّ منشأ التكليف تحقق وهو النجاسة وأما نفس التكليف فلم يتحقق لفقدان ركن أساسي في التكليف وهو القدرة والاختيار. كما أنّ العلم ليس له موضوعية وإنما العلم هو كاشف فقط والكاشف إنما يكشف أنّ هذا فيه حرمة أو ليس فيه حرمة فالعلم ليس له موضوعية. ثمّ كما أنّ الإنسان قد يعلم التكليف وعالم بالاضطرار، قد لا يكون عالماً بالاضطرار أيضاً فهو مضطر واقعاً إلى الارتكاب ولكنه يجهل أنه مضطر يعني إذا لم يشرب هذا الماء تحصل له مشكلة صحية أو غير صحية أو موت مثلاً فهنا يجهل الاضطرار فالحكم والموضوع كلاهما لا بدّ من تحققهما. فالنتيجة أنه لا بدّ من تحقق منشأ التكليف فالتعبير في كلمات الأعلام بأنّ التكليف يرتفع مسامحة في التعبير والصحيح أن منشأ التكليف موجود. فمنشأ التكليف هو النجاسة لا أن التكليف موجود ويرتفع. والعلم ليس له موضوعية أبداً بل قد يكون الإنسان فاقداً للعلم بأصل النجاسة وقد يكون فاقداً للعلم بالاضطرار أيضاً ولكنّه ارتكب فحينئذٍ يكون المكلف عند صاحب الكفاية يقول إذا الإنسان اقدم على شيء باعتقاد أنه معصية ولم يكن معصية فهذا يستحق العقوبة وقلنا تبعاً للشيخ الأنصاري رضوان الله تعالى عليه أنه لا يستحق العقوبة وإنما يكشف عن قبح الفاعل ولا يكشف عن قبح الفعل لأنّ الفعل حسب الفرض ليس قبيحاً. فالنتيجة، لا يفرّق الحال بين تقدّم التكليف، وهذا التعبير اشتباه، بين تقدّم منشأ التكليف والاضطرار سواء كان متقدماً على العلم بالتكليف أو لا يكون متقدماً على العلم بالتكليف، فالعلم لا موضوعية له وإنما الموضوعية للاضطرار وعدم الاضطرار فإذا ارتفع الاضطرار يكون هناك تكليف وإذا لم يكن هناك ارتفاع للاضطرار فلا يحدث تكليف لا أنّ التكليف حصل وارتفع. فإذاً، الصحيح والعلم عند الله وعند الراسخين في العلم أنّ العلم ليست له موضوعية سواءٌ تقدّم أو تأخّر، والاضطرار هو الذي له موضوعية بالنسبة إلى ثبوت الإباحة وعدم الإباحة، والاضطرار هو موضوع للإباحة فهناك خلط عجيب بين صور المسألة وأرجو الله تعالى أن لا نقع في الخلط وللكلام تتمة إن شاء الله.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo