< قائمة الدروس

آیةالله الشيخ بشير النجفي

بحث الأصول

45/04/26

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: تنبيهات دوران الأمر بين المحذورين

 

ما زلنا نحوم حول هذا البحث الذي أثاره الأعلام رضوان الله تعالى عليهم وهو ما إذا كان هناك اضطرار إلى بعض الأطراف. وقلنا قسّم العلماء البحث إلى مقامين المقام الأوّل ما إذا كان الإنسان مضطراً إلى أحد الأطراف معيّناً ونتحفظ على الأمثلة حتى يسهل علينا مناقشة الأعلام، مثلما يعلم إجمالاً بنجاسة الحليب أو الماء ولكن حصل اضطرار إلى شرب الماء فحينئذٍ الاضطرار إما أن يحدث قبل العلم بالتكليف وقبل التكليف والمقصود موضوع التكليف لا التكليف فإنّ هذا التعبير مسامحي فإن التكاليف الشرعية أنشئت وبقيت ولم ترتفع وإنما رفع الموضوع أو المكلّف وأمّا التكليف فباقٍ على حاله، ولكن قالوا التكليف حدث بحدوث النجاسة في أحد الطرفين، وعلى كلّ حال نغضّ النظر عن المسامحات في العبير حتى لا نخرج عن محل البحث فنقول إنهم قالوا كان يعلم بنجاسة الحليب أو الماء ثمّ حصل الاضطرار إلى شرب طرفٍ معيّن ففي مثل ذلك قد يكون الاضطرار بعد التكليف كما هو محل المثال وقد يكون قبل التكليف وباقي الأقسام نتعرض لها إن شاء الله فيما بعد. وفعلاً هذا، فإذا حصل التكليف يعني حصلت النجاسة في أحد الطرفين وعلم المكلّف ثمّ اضطر إلى خصوص الماء فهاهنا هل العلم الإجمالي حسب تعبيرهم منجّز يعني باقٍ على حاله ويجب اتّباعه، بمعنى أنه يشرب الماء ويتجنّب الحليب اتّباعاً لذلك العلم الإجمالي، أو لا يجب ترتيب آثار العلم الإجمالي بعد الاضطرار إلى أحدهما؟ الشيخ الأعظم الأنصاري قال يجب اتّباع العلم حتى بعد الاضطرار إلى شرب الماء. وصاحب الكفاية اختلف رأيه الشريف بين الكفاية وبين هامش الكفاية. ففي الكفاية قال إنه ينحل العلم الإجمالي باعتبار أنّ المكلّف كان مخاطباً بترك ذلك النجس الواقعي والمفروض أنه قد اضطرّ إلى بعض الأطراف وشرب الماء فحينئذٍ لا موجب لبقاء بقاء العلم الإجمالي. ثمّ أشكل على نفسه الشريفة بأنّه إذا تلف أحد الطرفين أليس يجب عليك الاحتياط بترك الطرف الثاني؟! فأجاب عنه بأنه في صورة الاضطرار التكليف مقيّد ومضيّق ومشروط بعدم الاضطرار، بخلاف صورة الانعدام فليس التكليف مقيّداً ببقاء الأطراف كلّها. ولكن في الهامش اختار أنّه العلم الإجمالي باقٍ على حاله لأنه كما كان مخاطباً من الله سبحانه بترك الطرفين معاً فذاك الخطاب معلوم وهذا الذي يقتضي وجوب ترتيب آثار العلم وعدم انحلاله بالقياس إلى الطرف الثاني بعد الاضطرار. وسيّدنا الأعظم أيضاً وافقه بما في الهامش. والذي ينبغي أن يقال هو أنّ العلم كما قلنا لا ينتفي بل العلم باقٍ على حاله غاية ما هنالك أنه قد يحلّ مع العلم علم آخر وقد لا يحلّ. فبناءً على هذا، إذا اضطرّ المكلّف إلى أحد أطراف الشبهة المحصورة فعلمه بنجاسة هذا المضطر إله أو ذلك غير المضطر إليه باقٍ، وقلنا في الجلسات السابقة والآن أيضاً نقول إنّ الحجيّة بالعلم لا من جهة تعارض الأصول كما قال السيّد الأعظم رضوان الله تعالى عليه بل العلم قلادة يجرّ بها المولى العاصي يوم القيامة فيقول له كنت تعلم فلمَ خالفت؟! فالنتيجة أنّ مقتضى بقاء العلم الإجمالي بقاء وجوب اتباعه والاضطرار إنّما أباح لي ارتكاب أحد الأطراف، وهذه الإباحة لا تنافي ذلك العلم والعلم باقٍ على حاله. فما دام العلم باقياً على حاله والاضطرار لا يغيّر العلم ولا يغيّر الواقع فالاحتياط ووجوب اتّباع العلم باقٍ على حاله فيجب على المكلّف أن يجتنب الطرف الثاني وهو الحليب ويشرب من الماء لأجل رفع الاضطرار. هذا ملخّص كلامنا والعلم عند الله وعند الراسخين في العلم.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo