< قائمة الدروس

آیةالله الشيخ بشير النجفي

بحث الأصول

45/04/22

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: تنبيهات دوران الأمر بين المحذورين

البحث الذي طرحناه في الجلسة السابقة لو نغيّر المثال تغييراً بسيطاً جميع الشبهات التي عرضناها ترتفع. وهو أنه لا يكون مائة نجس في ألف بل مائة نجس في عدد غير محصور فإذا ضربنا المثال هكذا أيضاً يصبح كثيراً في الكثير ولكن الإشكالات التي عرضناها كلها ترتفع، بأدنى تغيير في المثال. هذا تتمة لما قلت أمس.

واليوم دخل السيّد في تنبيه جديد، فقال إن المعروف أنه إذا اضطرّ الإنسان إلى ارتكاب بعض أطراف الشبهة المحصورة، فعدنا إلى المحصورة، فحينئذٍ ينحلّ العلم الإجمالي. وانحلال العلم الإجمالي جداً غير واضح. فالانحلال يعني شيء قوامه بالانعقاد وأنا فتحت عقده فهذا معنى الانحلال لغةً. ومعنى الانحلال في اصطلاح العلماء أن لا يبقى العلم بل ينقلب العلم إلى الشك البدوي، هذا معنى الانحلال. وما ذكر في بحث سيّدنا الأعظم رضوان الله تعالى عليه إنما هو ارتفاع الحكم وليس ارتفاع العلم، فلا انحلال للعلم أبداً بل العلم يبقى على حاله. فمثلاً إذا اضطرّ إلى أحد المائعين مثلاً لأجل رفع العطش فحينئذٍ الذي يرتفع الحرمة فالحرمة لا تبقى على حالها، فالشارع كان قال لا تشرب والآن الشارع يأمره بالشرب ويقول إشرب حتى تنقذ حياتك، فحلّ الأمر بالشرب مكان النهي عن الشرب، فهذا الذي حدث. ولكن العلم بأنّ أحدهما نجس فلا يرتفع من أساسه. فبحث السيد الأعظم في المقام ومهّد له مقدّمة طويلة تتلخص في أنه قد يكون لأطراف العلم الإجمالي في الشبهة المحصورة أثر واحد أو لأحدها اكثر من اثر فإذا اضطر فالاضطرار يرفع أحد الأثرين وهو الحرمة وأما الثاني وهو أن كل ما يلاقيه يصبح نجساً أو لا يصح الوضوء به ونحو ذلك فهذه الآثار تبقى، ومع ذلك يقول رضوان الله تعالى عليه أنه إذا كان الأثر مشتركاً بين الطرفين مثل ماء وماء فهاهنا يقول بانحلال العلم الإجمالي، وحسب تصورنا دعوى الانحلال غير واضحة فالانحلال هو باعتبار أن الإنسان عندما يكون متردداً، عنده علم وعنده عقدة نفسانية لا يعلم أيهما نجس وأيهما طاهر فإذا انحلت هذه العقدة فهذا معنى انحلال العلم الإجمالي. وهذه العقدة لا تنحلّ بل يبقى علم الإنسان على حاله ويبقى الطرف النجس واقعاً أو احتمالاً فالشارع أمرني بشربه فالحرمة ترتفع لا أنّ العلم يرتفع، والعلم لا يرتفع حتى مع ارتفاع الحرمة لأنه قلنا مراراً إن المعلوم قسمان معلوم حقيقي ومعلوم مجازي أو معلوم بالعرض، فالمعلوم الحقيقي هو الصورة في ذهن الإنسان والصورة في ذهن الإنسان أن أحدهما نجس وهذا المعلوم الحقيقي والمعلوم الحقيقي باقٍ على حاله، فالعلم باقٍ وأما الوجود الخارجي فهو ليس معلوماً حقيقياً فحتى إذا أتلفناه بصبّ الماء على الأرض أو بالشرب أو بأية طريقة فهذا ليس معلوماً وإنما هو معلوم بالعرض والمعلوم الحقيقي هو الصورة الذهنية فهي باقية على حالها. فدعوى الانحلال التي ترددت في كلمات الأعلام من لدن الشيخ الأعظم الأنصاري ومروراً بصاحب الكفاية والنائيني والسيد الأعظم غير مفهومة المعنى أبداً والعلم عند الله.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo