< قائمة الدروس

آیةالله الشيخ بشير النجفي

بحث الأصول

45/04/20

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: تنبيهات دوران الأمر بين المحذورين

كنا نريد أن نفهم ما أفاده الأعلام رضوان الله تعالى عليهم وهو أنه إذا كانت الشبهة غير محصورة فهل العلم الإجمالي يصبح كلا علم إجمالي وكذلك هل يثبت عنوان الشك في الأطراف كلّها أو لا؟! وقلنا إنّ السيد الأعظم قال إنّ هذا المطلب يختلف باختلاف آراء العلماء في تحديد الشبهة غير المحصورة. وفي الجلسة السابقة تكلّمنا على رأي الشيخ الأعظم الأنصاري. وطرح السيّد الأعظم رأي المحقق النائيني فيقول إن المحقق النائيني يقول إنه في الشبهة غير المحصورة المخالفة القطعية غير محرّمة لأنّها غير مقدورة وأما الموافقة القطعية فهي متفرعة على ذلك فلا تحرم المخالفة ولا تجب الموافقة، هكذا نسب إليه. وأما من حيث الأطراف فيكون كل واحد من الأطراف مشكوكاً فلا يكتفى بالوضوء في المثال الذي ذكره السيد في الماء الذي يحتمل أن لا يكون ماءً بل يكون مضافاً بل لا بدّ من الوضوء بأكثر من سائل حتى يحرز أنه قد توضّأ بالماء. هذه المطالب التي أفادها السيد الأعظم نقلاً عن النائيني قسم منها غير واضح. منها ما قال من أنه حرمة المخالفة متوقفة على القدرة وليس واضحاً هذا الكلام. فالحرمة تثبت بمقتضى التشريعات الإلهية فمثلاً هناك حيوان نجس في الصحراء ولا تصل أيدينا إليه فهل يقال إنه ما دام لا تصل أيدينا إليه فهو ليس محرّماً؟! هو محرّم ولكن حصل الخلط في الكلام المنسوب إلى سيّدنا الأعظم بين التشريع وإثبات الحكم وبين استحقاق المؤاخذة على ذلك. فالذي يتوقف على القدرة هو استحقاق المؤاخذة لا أصل تشريع الأحكام الشرعية. فإذاً، ما نُسب إلى النائيني غير واضح في كلام السيد حيث يقول إنّ المخالفة القطعية غير مقدورة فليست محرّمةً. فربط الحكم بالقدرة، وليس كذلك بل استحقاق المؤاخذة مرتبط بالقدرة لا أن التشريع متوقّف على القدرة. هذه ملاحظة. ثمّ إنّ كل واحد من هذه الأطراف غير المحصورة هل فيه شك أنّ هذا السائل ماء أو مضاف أو ليس هذا السائل مضافاً فيقول السيد الأعظم أنه يصدق عليه أنه مشكوك، وهذا غير واضح علينا. أما أوّلاً فالشك أمر وجداني فقد لا يشك الإنسان من كثرة الأطراف في وجود حرام في البين أصلاً لأنّ الاحتياط قلنا في مثل هذه الحالة يؤدي إلى إلغاء الأحكام الشرعية التي أسّسها الشارع لتنظيم حياة الناس. فالنتيجة أنّ الشك أمر وجداني فقد يشك الإنسان وقد لا يشك، فإذا حصل الشك لدى الإنسان تجري عليه الأحكام، ولكن هذا لا معنى له في المثال الذي ذكره السيد وهو مثال الوضوء فقد دلّ الدليل على إحراز الوضوء بالماء وبما أنّ المكلف إذا توضأ بواحد من الأطراف فقط لا يحرز الوضوء بالماء فلا بدّ أن لا يكتفى به، فلا علاقة له بالشك وعدم الشك. فالشك أمر وجداني فقد يشك الإنسان وقد لا يشك من جهة كثرة الأطراف ولكن الامتثال يتوقف على إحراز أنّ الوضوء بالماء وهذا شيء آخر لا علاقة له بالشبهة غير المحصورة ولا بالشبهة المحصورة. ثمّ طرح السيّد الأعظم بحثاً آخر من البحوث حول الشبهة غير المحصورة وهو أنه إذا كان هناك كثرة الأطراف وهناك متعلق الحكم كثير في نفسه وضرب مثالاً وهو أن يكون أطراف الشبهة غير المحصورة فرضاً ألف طرف ونعلم إجمالاً فرضاً أنّ مائة ألف هو نجس فعبّر عن هذا بوجود الكثير في الكثير يعني أن الواجب تركه كثير في ضمن الكثير. هكذا ذكر وأيضاً قال إنه يختلف الحال باختلاف النظريات حول الشبهة غير المحصورة ولكن ما ذكر السيّد من المثال لا يصلح أن يكون مثالاً للشبهة غير المحصورة، إذ واحد من عشرة نجس فهذا ليس غير محصور وإنما هو محصور. فالصحيح أنه لا بدّ أن نقول إنّ هذه الأطراف كثيرة بحيث لو التزم الإنسان بالاحتياط يلزم من ذلك إلغاء الاحكام الشرعية التي أسّسها الشارع لأجل تنظيم حياة البشريّة. ولكن مع ذلك في هذه الأطراف غير المحدودة وغير المعدودة بعدد يوجد فيها مائة أو أقل كثمانين مثلاً نجس ففي مثل ذلك يأتي هذا المثال وهو الكثير في الكثير وكون الشبهة غير محصورة وأما الشبهة إذا كانت أطرافها ألفاً وفيها مائة غير طاهر فهذه ليست شبهة غير محصورة بل هي محصورة. هذا ولكن ما هو رأي الأعلام؟ نطرحه غداً.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo