< قائمة الدروس

آیةالله الشيخ بشير النجفي

بحث الأصول

45/04/19

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: تنبيهات دوران الأمر بين المحذورين

الكلام في أنه إذا كانت الشبهة غير محصورة ففي مثل ذلك يصبح العلم كلا علم؟ أو معنى الشبهة غير المحصورة أنه أطراف الشبهة غير المحصورة لا يجري فيها حكم الشك؟ ففي مثل ذلك ما الحكم وهل يجوز ارتكاب بعض الأطراف أو لا؟ بمعنى أن يرتب الأثر الشرعي مثلما إذا كان هناك أكثر من سائل في الشبهة غير المحصورة، ونعلم في ضمن هذه الأطراف أنه هناك سائل مضاف أو ماء مضاف وليس ماء مطلقاً ففي مثل ذلك ما الحكم؟! سيّدنا الأعظم يقول يختلف الحكم باختلاف المباني في تفسير الشبهة غير المحصورة. فبناءً على الرأي المنسوب إلى الشيخ الأعظم الأنصاري أنّ معنى الشبهة المحصورة هو أنه أصل التكليف في كل واحد من الأطراف موهوم بوهم لا يعتني به العقلاء، فيقول سيّدنا الأعظم أنه على مبنى الشيخ الأنصاري قدّس سره يصح الوضوء بهذا الذي نحتمل أنه مضاف باعتبار أنّ العقلاء لا يعتنون بالإضافة في المقام لأن الإضافة موهومة. وهذا الذي نسبه إلى الشيخ الأعظم الأنصاري إنما يستقيم بناءً على أنه كما تؤخذ المفاهيم من العرف كذلك مصاديق المفاهيم أيضاً تؤخذ من العرف. وهذا المعنى وإن قال به غير واحد من علمائنا الأبرار حيث يحكّمون العرف المسامحي ورأي العقلاء ويطبّقونها على تحديد المصداق كما يطبّقونها على تحديد المفهوم والماهية. وفي موارد مختلف عرضنا أنه لا يمكن أن يكون تحديد المصاديق بيد العرف كما أنّ تحديد المفاهيم بيد العرف. فتحديد المصاديق ليس بيد العرف وإلا يلزم كما قلت مراراً عدم كون نتيجة الشكل الأول والضرب الأول من الضروب الأربعة يقينيةً. فيلزم من قول الأعلام بتحكيم العرف والعقلاء في تحديد المصاديق أن الشكل الأول والضرب الأول من الضروب الأربعة للشكل الأول تكون نتيجتها غير قطعية لأنّ النتيجة هو إثبات الأكبر للأصغر فإذا كان صدق المفهوم على المصداق يؤخذ من العرف المسامحي فيلزم من ذلك أن لا يكون الشكل الأول مفيداً وإذا ذهب الشكل الأول ذهبت كل البراهين لأن كل البراهين إما تكون من الشكل الأول أو من الشكل الثاني أو الثالث أو الرابع وهذه لا بدّ أن ترجع إلى الشكل الأول بطريقة أو بأخرى فيؤخذ بالنتيجة وإلا فلا. فإذا فسد الشكل الأول فيلزم من ذلك فساد الأدلة العلمية كلّها بلا استثناء. فعلى هذا الأساس، أسست أساساً خلافاً للأعلام رضوان الله تعالى عليهم وهذا الأساس مقتضاه أنّ المفاهيم والماهيات تؤخذ من العقلاء ومن العرف وأما المصداق وأن هذا مصداق لذاك المفهوم أو مصداق لهذه الماهية فلا بدّ من أخذه بعقل دقيق. فعلى هذا الأساس، هذا السائل الذي يريد أن يتوضّأ به المكلّف ويكتفي بالوضوء بسائل واحد مع أنّ هذا الواحد يحتمل ولو احتمالاً ضعيفاً أنه مضاف وليس ماءً فهذا الذي لا يمكن الالتزام به أبداً؛ إذ يلزم من ذلك صحّة الوضوء بما يشكّ فيكونه ماءً. فحينئذٍ الشك يكون في تحقق الامتثال وليس في تحقق المفهوم. فالنتيجة أنّ ما أفاد السيد الأعظم من المثال وتطبيق نظرية الشيخ الأعظم الأنصاري غير واضح. نعم، لو غيّرنا المثال وقلنا إنّ ثوباً أشكّ في أنه حرام عليّ لبسه أو لا إما من جهة الغصبية أو من جهة أنه مختصّ بالنساء مثلاً، فإن قلنا إنه مختصّ بالنساء لا يجوز لبسه ولا تصحّ صلاة الرجل فيه وكذلك إذا كان محرّماً لبسه من جهة أخرى كالغصبية أو غير ذلك من المشاكل، فحينئذٍ يصحّ ما نسب السيد الأعظم إلى الشيخ الأعظم الأنصاري فحينئذٍ في هذه الشبهة بما أنه الشك في الحرمة، فمقتضى قوله عليه السلام كل شيء لك حلال حتى تعرف الحرام بعينه يعني تميزه فحينئذٍ يكون حراماً فهذا الثوب ليس حراماً وكذلك ذاك الثوب ليس حراماً باعتبار الشك ولو الضعيف بحرمته. فالنتيجة، إن غيّرنا المثال وأتينا بمثال آخر فنقبل رأي سيّدنا الأعظم في تطبيق نظرية الشيخ الأعظم الأنصاري، وأما المثال الذي أفاده وهو أنه ماء أو مضاف فهناك لا يستقيم.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo