< قائمة الدروس

آیةالله الشيخ بشير النجفي

بحث الأصول

45/04/13

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: تنبيهات دوران الأمر بين المحذورين

ما زلنا في الشبهة غير المحصورة. وذكر العلماء أدلّة ووجوهاً لعدم وجوب الاحتياط في الشبهة غير المحصورة. ونقلوا عن الشيخ الأعظم الأنصاري أنه التكليف في الشبهة غير المحصورة موهوم، والنائيني ردّ عليه بأنّ الوهم له كراتب وأنت لا تبيّن ما تقصده من الوهم، هكذا قال وسكت. والسيد الأعظم قال إنّ احتمال التكليف يلازم احتمال العقاب المولوي فكما أنّ العقل يلزم العاقل بتجنّب معلوم العقاب كذلك يلزمه بتجنّب محتمل العقاب أيضاً، فكيف أنت تفسّر هكذا؟! وما أفاده العلمان النائيني والسيد الأعظم غير واضح وقد تقدّم الكلام فيه. ولكن نحن نقول الآن أنّ الشيخ الانصاري قد خلط في بيانه المقدّس بين متعلّق الوهم وبين متعلّق العلم. فمتعلق العلم هو الحرام الواقعي الموجود بين الأطراف، ومتعلّق الوهم هو الخصوصيات الشخصية الخارجية المميزة لهذا الطرف عن طرف آخر. فقد خلط قدّس الله روحه الطاهرة بين ما هو مصبّ الوهم وبين ما هو مصب العلم، فأتى بهذا البيان الذي اختلفنا في فهمه والرد عليه. فما أفاده الشيخ الأعظم الانصاري في وجه عدم وجوب الاحتياط في الشبهة غير المحصورة غير واضح لأنه مبني على الخلط بين مصبّ الوهم وبين مصبّ العلم. وذكر النائيني أعلى الله درجاته في عليين وجهاً آخر لعدم وجوب الاحتياط في الشبهة غير المحصورة وهو أنه إنما تجب الموافقة القطعية إذا كانت المخالفة القطعية محرّمة لأنّ وجوب الموافقة القطعية متفرّع عن حرمة المخالفة القطعية. ففي المقام بما أنه لا تحرم المخالفة القطعية فلا تجب الموافقة القطعية أيضاً. هكذا نسب إليه، والسيد الأعظم لم يرض بكلامه الشريف وقال فيما تقدّم إنه في أطراف العلم الإجمالي إذا تعارضت الأصول فحينئذٍ يجب اتّباع العلم الإجمالي وفي الشبهة غير المحصورة ليست متعارضة فلا يجب الاحتياط. وما أفاد السيد الأعظم وما أفاد النائيني غير واضح. أما ما أفاده السيد فقد رفضناه وقلنا إنّما الاحتياط في مورد العلم الإجمالي لوجود العلم الذي يكون حلقةً في رقبة العاصي يوم القيامة. فأنت كنت تعلم أنه حرام فكيف أقدمت؟! فليس هذا من جهة تعارض الأصول فالأصول العملية لا تتعارض لأنّ التعارض إنّما يكون بالدلالة الالتزامية فكل من الأصلين لا يثبت عدم الطرف الآخر، يعني لا يعارض الأصل الآخر حتى قالوا في الاستصحاب الذي قال به بعضهم أنه أمارة كما يستشم من كلمات الشيخ العلّامة رضوان الله تعالى عليه، ومع ذلك قالوا إنّ الاستصحاب لا يثبت اللازم والدلالة الالتزامية غير موجودة حتى في الاستصحاب أيضاً. وأنت تقول إنّ الأصول تتعارض في اطراف العلم الإجمالي يا سيّدنا الأعظم فهذا الكلام منكم غير واضح! والعمدة في ردّ كلام النائيني أمران أحدهما أنه قال إنّ وجوب الموافقة متفرّعة عن حرمة المخالفة وقلنا إنّ التفريع إنما يكون إذا كان الأصل مؤثّراً ومفيداً للمتفرع عليه وليس الأمر كذلك، هذا أوّلاً. وثانياً، مع قطع النظر عن هذا كله فنقول إن الشبهة غير المحصورة لا تتعقل إلا في المحرمات وأما في الواجبات فلا يوجد شبهة غير محصورة. أن يكون الإنسان عنده واجب وذاك الواجب مردد بين ألف وبين ألفين فهذا لا يوجد، حتى بعضهم قال إنّ الشبهة غير المحصورة لا تتصوّر إلا في المحرّمات لا في الواجبات، وأنت أين ذهبت يا شيخنا النائيني؟! تقول لا تجب الموافقة حيث لا تحرم المخالفة، وأصلاً الشبهة غير المحصورة في المحرّمات وفي حرمة المخالفة لا في وجوب الموافقة. فكلام النائيني غير واضح. وأيضاً ذكر السيد الأعظم أنّ بعضهم ادّعى الإجماع على عدم وجوب الموافقة في الشبهة غير المحصورة، ولكن يقول إن الإجماع غير ثابت لأن البحث عن الشبهة المحصورة وغير المحصورة ليس معنوناً في كلمات الأعلام السابقين حتى نحرز الاتفاق الكاشف عن رأي المعصوم سلام الله عليه. وهذا الإشكال من السيد الأعظم صحيح وواضح فغن هذا البحث مستحدث من صاحب القوانين وإلى يومنا هذا. وعنده إشكال آخر وهو أنّ العلماء اختلفوا في المسألة فما دام اختلفوا فلا يكون هناك إجماع. وهذا الكلام المنسوب إلى سيّدنا الأعظم غير واضح. وذلك لأنّه ليس الاختلاف في حكم الشبهة غير المحصورة وإنّما الاختلاف في تحديد مصاديق أو مفهوم الشبهة غير المحصورة. فهل هناك عالم من علمائنا أفتى بوجوب الاحتياط في الشبهة غير المحصورة؟ كلهم يقولون لا. فما أفاد السيّد الأعظم في ردّ الإجماع غير واضح، وهناك بيان آخر له نتكلّم فيه إن شاء الله.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo