< قائمة الدروس

آیةالله الشيخ بشير النجفي

بحث الأصول

45/04/01

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: تنبيهات دوران الأمر بين المحذورين

ما زلنا في ساحة الشبهة غير المحصورة والتعريفات التي طرحت من قبل الاعلام منهم السيّد الأعظم رضوان الله تعالى عليه. ومن جملة تعريفات الشبهة غير المحصورة التي ذكرها السيد الأعظم هو أنه إذا تعسّر على المكلف الموافقة القطعية والمخالفة القطعية. فغذا تعسّر عليه ذلك فالشبهة غير محصورة. والسيّد الأعظم قال إنه إذا تعسّر فيرتفع التكليف بمقدار العسر لا كليّاً. وفي الشبهة غير المحصورة يرتفع التكليف مطلقاً. وهذا الإشكال من السيّد مبنيّ على الخلط بين محلّ البحث وهو العلم الإجمالي وبين ما هو خارج عن محلّ البحث وهو العلم التفصيلي. وما ذكره السيد الأعظم من الأحكام المترتبة على العلم التفصيلي، فهو يعلم تفصيلاً أنّ هذا الماء نجس وهو لا يتمكن من ترك شربه لحاجته إلى رفع العطش وإلا يموت عطشاً، ففي مثل ذلك يرتفع الحكم بمقدار الضرورة وبمقدار ما يرفع عنه التكليف وهو خوف الموت عطشاً أو لضرر آخر غير ضرر الموت، فهذا علم تفصيلي وكلامنا ليس في العلم التفصيلي. كلامنا في العلم الإجمالي والمفروض في الشبهة غير المحصورة أنه يرتفع التكليف مطلقاً في بعض الأطراف وفي جميع الأطراف. فإشكال السيّد الأعظم على هذا التعريف غير واضح. كما أنّه يقول إنّ العسر يختلف باختلاف الأشخاص وهذا صحيح وهذا أيضاً خلط بين العلم الإجمالي وبين العلم التفصيلي. فذاك يختلف باختلاف الأشخاص فهذا يجب عليه الامتثال وذاك لا يجب عليه الامتثال. وأما في الشبهة غير المحصورة فمفروض كلمات الأعلام انه لا يجب الامتثال مطلقاً. لكن مع ذلك التعريف أيضاً غير واضح باعتبار أنّ العسر إنما يكون راجعاً إلى المكلّف وكلامنا ليس فيما يكون راجعاً إلى المكلف بل في تحديد الشبهة غير المحصورة واقعاً مع قطع النظر عن أنّ المكلّف يتمكن من الامتثال أو لا يتمكن من الامتثال. أولاً ما هي الشبهة المحصورة حيث يكون العلم الإجمالي منجّزاً وما هي الشبهة غير المحصورة حيث يكون العلم الإجمالي غير منجّز؟ فأنت أيّها القائل أوّلاً عرّف ثم بعد ذلك يأتي الحكم فهذا التعريف وهو ما يعسر امتثاله غير واضح. وهناك إشكال آخر على هذا التعريف. وهو أنه يقول إنه ما يعسر ما لا يجب امتثاله أو لا يحرم بالعسر وهذا إثبات للموضوع بواسطة الحكم ونحن في مقام تحديد الموضوع وهو الشبهة غير المحصورة حيث لا يجب الامتثال وليس بيان الحكم وأنت تقول إذا لم يتمكن فلا يجب عليه الامتثال لا القطعي ولا من جهة المخالفة القطعية فهذا بيان للموضوع بواسطة الحكم.

تعريف آخر للشبهة غير المحصورة وهو أنه يرجع في ذلك إلى العرف فيُسأل العرف ما هو المحصور وغير المحصور؟ والسيّد الأعظم رضوان الله تعالى عليه يقول إنّ كلمة الشبهة غير المحصورة لم ترد في آية أو رواية حتّى نرجع إلى العرف في تحديد المعنى بل هو مصطلح أصولي حديث أي من المتأخرين ولعله من صاحب القوانين رضوان الله تعالى عليه، صاحب جامع الشتات وإلى يومنا هذا. فليس يُرجع في ذلك. وهذا الذي أفاده السيّد الأعظم غير واضح باعتبار أنّه إذا تعسّر علينا فهم كلام أو مصطلح فقهي أو نحوه إذا لم يكن له معنى اصطلاحي محدد نرجع إلى العرف بلا إشكال، وحينئذٍ إشكال سيّدنا الأعظم غير واضح. وأصل التعريف أيضاً غير واضح جداً ولا يمكن إدراجه في المباحث العلمية. والوجه في ذلك أنّ العرف يُرجع إليه إذا شككنا في المعنى اللغوي للكلمة لا أنه إذا شككنا في مصداق الكلمة. وكلمة الشبهة واضحة لغةً وكلمة المحصور وغير المحصور واضحة لغةً وإنّما الكلام في المصداق، وتحديد المصداق ليس بيد العرف فالعرف يتسامح في تحديد المصاديق ولذلك خالفت معظم الفقهاء والأصوليين حيث يحكّمون العرف في تحديد المصاديق. فتحديد المصداق بيد العقل الدقيق لا بيد العرف المسامحي. فالنتيجة، إنّ قول هذا القائل بأنه يُرجع إلى العرف جداً غير واضح. فيُرجع إلى العرف في تحديد المعنى اللغوي لا تحديد المصداق. فالنتيجة أنّ تحديد المصداق ليس بيد العرف وإنّما بيد العقل الدقيق وتحديد المفهوم بيد العرف، فهذا التعريف أيضاً غير واضح. وبقيت بعض التعريفات نعرضها إن شاء الله.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo