< قائمة الدروس

آیةالله الشيخ بشير النجفي

بحث الأصول

45/03/30

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: تنبيهات دوران الأمر بين المحذورين

كنا في ساحة الأعلام رضوان الله تعالى عليهم في تحديد معنى الشبهة غير المحصورة. وطرحنا أمس أحد الوجوه التي ذكرها السيد الأعظم عن بعضهم وهو أنه ما يتعسّر عدّه. والسيد الأعظم أخذ جانباً واحداً في مقام الإشكال وهو ما إذا كان عسر العدّ من سبب من الأسباب كما إذا لم يتمكن أو الضوء غير موجود أو نحو ذلك. وكل هذه الاحتمالات التي أشار إليها السيّد الأعظم على ما نُسب إليه غير واضحة لأنّه يقصد القائل بهذا الوجه أنّ الأطراف بعد كونها في إطار واحد يصعب عدها ولا يقصد بالعدّ حساب أنّها ألف أو ألفين أو عشرة بل يقصد بذلك أنه يصعب ترك واجتناب جميع الأطراف لأنّ اجتناب الجميع إنما يكون حيث يمكن للإنسان أن تصل يده إلى ترك الجميع. فإذاً هو في الواقع يقصد من عسر العدّ عسر الاجتناب لأن الاجتناب ملازم عرفاً للعدّ. فإذاً، ما أفاد السيد الأعظم غير واضح. والصحيح أنّ صعوبة اجتناب الأطراف لكثرتها أيضاً يختلف ولا يمكن أن يُجعل مناطاً وإنما الكلام في أنه هل يجب عليه اجتناب الجميع أو لا يجب اجتناب الجميع؟ هذا هو محل الكلام لا أنّه يصعب اجتناب الجميع أو لا يصعب اجتناب الجميع، بل يجب اجتناب جميع الأطراف أو لا يجب؟ هذا المعنى ينبغي أن يكون ملتفتاً إليه في فهم كلام هذا الرجل وكذلك في رفضه باعتبار أنه يقصد صعوبة الاجتناب مع أنه ليس صعوبة الاجتناب وسيلةً لمعرفة الشبهة غير المحصورة. ثمّ إنّ الشيخ الأعظم الأنصاري أفاد تعريفاً آخر للشبهة غير المحصورة وهو ما إذا كان ثبوت التكليف في جميع الأطراف موهوماً ولا يكون مظنوناً أو معلوماً. وهجم عليه هجوماً علمياً الشيخ النائيني رضوان الله تعالى عليه فقال إنّ الموهوم والوهم يختلف وله مراتب فالشيخ الأعظم لم يحدد مرتبة الوهم الذي يكون محيطاً بهذه الأطراف. فلذلك قال النائيني أنه إحالة على المجهول. وإشكال النائيني غير واضح باعتبار أنّ الشيخ الانصاري لا يقصد الوهم مقابل الظن فقط بل يقصد عدم العلم بنجاسة أو بحرمة كل واحد واحد من الأطراف، هذا المعنى يقصد وهذا ليس إحالة على المجهول كما قال النائيني. والسيد الأعظم أضاف إشكالاً آخر على الشيخ الأعظم الأنصاري وملخص إشكاله يقول قد يكون ثبوت التكليف في بعض الأطراف موهوماً ولو كان أحد الطرفين وقوع النجاسة فيه احتماله أقوى من الطرف الثاني فإذا أحد الطرفين مظنون والآخر موهوم فهاهنا أيضاً بعض الأطراف ثبوت الحكم فيه موهوم ومع ذلك الشيخ الأعظم لا يقول فيه إنّ الشبهة غير محصورة. فتعريف الشيخ الأعظم الأنصاري حسب إشكال السيد الأعظم رضوان الله تعالى عليه غير واضح. وإشكال السيّد الأعظم أيضاً غير واضح علينا. والوجه في ذلك أنّ الشيخ الأعظم ذكر كلمة غير المحصور مع كلمة الموهوم، يعني من جهة كثرة الأطراف لا يكون ثبوت الحكم في جميع الأطراف مظنوناً أو معلوماً بل يكون موهوماً، يقصد هذا المعنى. فلمَ غضّ السيد الأعظم النظر عن هذه القرينة الموجودة في كلام الشيخ الأعظم الأنصاري؟ وهي قرينة وجود كلمة غير المحصور فغير المحصور يعني من جهة الكثرة ومن جهة الكثرة بدلاً من العلم والظن جاء الوهم بثبوت التكليف في بعض الأطراف. فما أفاد السيد الأعظم من الإشكال غير واضح أيضاً. ولكن مع ذلك تفصيل الشيخ الأعظم الانصاري أيضاً غير واضح علينا. والوجه في ذلك أنه هو في مقام بيان الشبهة غير المحصورة وهي الشبهة التي لا يكون العلم الإجمالي حسب تعبير الأعلام منجّزاً، يعني لا يجب اتّباعه. فإذا كانت الكثرة توجب وهم التكليف في بعض الأطراف هل هذا يكون حجة لرفض العلم الإجمالي أو لدفع العلم الإجمالي أو لعدم اتّباع العلم الإجمالي؟ لا بدّ للشيخ الأعظم أن يبيّن تعريفاً يكون دليلاً عقلياً، عقلائياً لأنه في الروايات لم يرد تعبير غير المحصور بل هو فقط تعبير الفقهاء والأصوليين الطيبين رضوان الله تعالى عليهم. فعلى الشيخ الأعظم أن يبيّن معنى غير المحصور بنحو يكون ذلك المعنى يقف في وجه العلم الإجمالي. وهذا الذي أفاده لا يقف في وجه العلم الإجمالي. فواقع الشبهة غير المحصورة وتعريفها وتحديدها معضلة اعترف السيّد الأعظم على ما نُسب إليه أنه عجز عن تحديد معنى غير المحصور في كلمات الأعلام. وإن شاء الله تعالى نحن في جوار جدّ السيّد الأعظم والهواء المتفاعل بقبّته عليه السلام نقدّم تعريفاً يكون معقولاً بعون الله تعالى.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo