< قائمة الدروس

آیةالله الشيخ بشير النجفي

بحث الأصول

45/03/28

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: تنبيهات دوران الأمر بين المحذورين

كنا دخلنا تبعاً للأعلام في مسألة ما إذا كانت الأطراف تدريجية وقلنا إنّ التدريجي يعني يمكن أن يرتكب أحد الأطراف الآن والآخر في المستقبل، وهذا هو المعنى الصحيح للتدريج كما قلنا في جلساتنا السابقة. وأما باقي الأمثلة للتدريج التي طرحها السيد الأعظم فكلّها أجنبيّة عن محلّ البحث حسب تصوّرنا. فإذاً، نحن والتكيف هل هو معلوم أو لا؟ والتحقيق في المسألة أنّ المكلّف عالم بالتكليف والقول بمراتب الحكم نلغيه جملةً وتفصيلاً. فالحكم أمره دائر بين الوجود والعدم لا أنّ الحكم حاله حال النبتة أو الشجرة المثمرة يكون في بدو الأمر ارتفاعه إصبع ثم إصبعين وهكذا.. فهذا المعنى غير معقول في الأحكام الشرعية لأنّ الأحكام الشرعيّة اعتبارية ووحدة الحكم بوحدة الاعتبار وتعدد الحكم بتعدد الاعتبار ولا يمكن أن يأتي اعتبار آخر فيكمّل الحكم الأول المعتبر أوّلاً، فهذا المعنى غير معقول، ولا نطيل في هذا الذي قلناه مراراً والقول بمراتب الحكم نلغيه جملةً وتفصيلاً. فقد توجّه التكليف من قبل المولى إلى العبد حسب الفرض، وإذا كان قد توجّه فيكون العبد عالماً بالتكليف حسب الفرض فإذا كان عالماً بالتكليف فيتحقق موضوع حكم العقل وهو لزوم الطاعة ولزوم الامتثال فيجب على العبد الامتثال بمقتضى اطّلاعه وعلمه بالتكليف. فإذا كان الأمر كذلك، غاية ما هنالك التكليف متعلّق بماهية الفعل وهذه الماهية قد تكون غير مقيّدة وقد تكون مقيّدة ونعلم إجمالاً بأنّ هذه الماهية، ماهية الفعل، مقيّدة بكونه اليوم أو بكونه في الغد كما إذا وجب عليه التصدّق بدرهم والدرهم متوفّر لديه وعلم بتحقق هذا التكليف والعقل يحكم بلزوم تحقيق هذا الامتثال ولكن يجهل المكلّف أنّ التصدّق المطالب به هو التصدّق المقيّد باليوم أو التصدّق المقيّد بالغد. فإذا كان متردداً فحينئذٍ حال هذا الترديد حال ما إذا علم بوجوب إحدى الصلاتين الظهر أو الجمعة، فإحداهما لا تكون مع الأخرى بل تكون قبل الأخرى وهذا التدرّج الذي يتوقّف عليه امتثال هذا التكليف لا يمنع العقل من إلزام المكلّف بامتثاله. فالنتيجة، كما أنّ المكلّف عاجز عن صلاة الجمعة وصلاة الظهر معاً سويّةً ومع ذلك العلم الإجمالي ثابت والتكليف ثابت وليس له مخلص من هذين الواجبين بل عليه الاحتياط بإتيان صلاة الظهر وصلاة الجمعة معاً. كذلك في المقام في المثال، أعلم أنه مطلوب منّي التصدّق ولكن ماهيّة التصدّق هل هي مقيّدة باليوم أو مقيّدة بالغد؟! لست أدري. فإذا كنت لست أدري، فمقتضى التكليف المعلوم أنه يجب الامتثال وتخليص الإنسان نفسه من هذا التكليف المعلوم فعليه الاحتياط. وأظنّ أنّ الذي دفع صاحب الكفاية إلى القول بجواز التمسّك بالبراءة في الطرفين معاً، التصدّق اليوم لأنه مشكوك فيه أنه مقيّد به التصدّق والغد لم يأت بعد وكأنّ التصدّق بالغد خارج عن محلّ الابتلاء فقاس رضوان الله تعالى عليه الفرد الاستقبالي بالأطراف الخارجة عن محلّ الابتلاء، وهذا غير واضح جداً لأنّ مقتضى حكم العقل ما قلناه. هذا.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo