< قائمة الدروس

آیةالله الشيخ بشير النجفي

بحث الأصول

45/03/24

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: تنبيهات دوران الأمر بين المحذورين

ذكر السيّد الأعظم رضوان الله تعالى عليه القسم الثالث من التدريج، وهذا القسم من التدريج هو القسم الصحيح بل المعنى الصحيح للتدريج وهو ان يكون الفعل مردّداً بين زمان وزمان آخر أو زمانيّ وزمانيّ آخر، ونحافظ على المثال المنسوب إلى سيّدنا الأعظم، وهو أنه نذر قراءة سورة معيّنة إما اليوم أو في الغد، أو حينما يأتي زيد وزيد مردد مجيئه بين اليوم وبين الغد. ففي المثال الأوّل، نفس الواجب مقيّد بزمان وأما في الثاني فيكون مقيّداً بزمانيّ. فأشار السيد الأعظم إلى القسمين معاً. فيقول هذا النحو من التدريج له قسمان احدهما أن يكون هذا التكليف ثابتاً على كل تقدير بدون أن يكون لتحقق التكليف قيد من القيود، هذا القسم الأوّل لهذا القسم من التدريج. والقسم الثاني أن يكون هذا التكليف متحققاً في حال وغير متحقق في حال آخر. هذا القسم الثاني من التدريج. وفعلاً كلامنا في القسم الأول وهو ما إذا كان متحققاً على كل حال، فهاهنا قال رضوان الله تعالى عليه على ما نسب إليه أنه يكون الواجب معلّقاً والوجوب يكون حاصلاً. فالواجب يكون مقيّداً بزمان أو زماني ولكن نفس الوجوب حاصل الآن. فهاهنا أطلق حكمه الشريف أنه هاهنا لا بدّ من الالتزام بتنجّز التكليف ويجب على المكلّف الامتثال، وذلك، يقول، لما قلناه مراراً من أنه لا بدّ إذا علم المكلّف بالتكليف الفعلي فهو مطالب بامتثاله على كل تقدير، هكذا أفاد رضوان الله تعالى عليه. فالوجوب الآن ولكن متعلّق الوجوب وهو الواجب مقيّد بزمان أو بزماني. وأطلق السيد الأعظم هذا المطلب وكأنه شيء بديهي واضح لا غبار عليه، ولكن من شدّة وضوح كلامه الشريف ظهر لنا بعض الغموض في كلامه الشريف. فهل يعقل أن يتحقق الحكم مطلقاً، الوجوب أو غيره، وهل يمكن أن يتحقق بدون متعلّق. فسيّدنا الأعظم يقول في عبارته المنسوبة إليه إنّ الواجب ليس موجوداً الآن ولكن الوجوب موجود الآن فإذا كان الوجوب موجوداً والواجب غير موجود فكيف يعقل تحقق الوجوب بلا واجب وبدون متعلّق؟! فما أفاده أعلى الله درجاته في عليين مغمور في الغموض. والذي ينبغي أن يقال في حلّ هذا اللغز وهذه المعضلة أن نقول إنّ الوجوب متعلّق بالطبيعة والمكلّف ملزم بإيجاد تلك الطبيعة وتحقيق تلك الطبيعة فيكون ما يفعله المكلّف مسقطاً للتكليف لا محققاً لمتعلّق التكليف فمتعلّق التكليف الطبيعة ولم يقل هو إنّ متعلّق التكليف الطبيعة بل يقول نفس ذلك الذي يتحقق في الغد أو بعد الغد أو مع مجيء زيد او مجيء خالد مثلاً. فكان عليه أعلى الله درجاته في عليين صياغة الكلام منه ومن مقرري بحثه الشريف السادة الأجلّاء بصياغة نجفية ولم يكن الكلام مصاغاً بالصياغة النجفية. هذا ملخّص ملاحظتنا في هذا القسم. وأمّا القسم الثاني وهو إذا كان الوجوب فعلياً على تقدير دون تقدير ففيه رأيان معروفان رأي صاحب الكفاية أعلى الله درجاته في عليين وهو أنه يمكن للمكلّف أو للفقيه ان يتمسّك بأصالة العدم في كلا الطرفين فيتبرأ من التكليف ولا يكون محاسباً، بخلاف تلميذه المحقق النائيني أستاذ الاعلام والمراجع فهو قال لا بالعكس، فلا يمكن التمسك بالأصل في الأطراف، والسيّد الأعظم يقول نحن نقدّم مقدّمةً ومن خلال تلك المقدّمة يتبيّن ما هو الحقّ من رأي هذين العلمين.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo