< قائمة الدروس

آیةالله الشيخ بشير النجفي

بحث الأصول

45/03/23

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: تنبيهات دوران الأمر بين المحذورين

كنا نريد أن نفهم القسم الثاني من أقسام التدريجي التي أفادها السيّد الأعظم رضوان الله تعالى عليه. فقال أن يعجز المكلف عن إتيان هذا الفعل وذاك الفعل في عرض واحد. وهذا الذي أفاده لمعنى التدريج قلنا إنّه غير واضح. فمعنى التدريج أن يكون أحدهما لا يمكن إتيانه إلا قبل ذاك وذاك لا يمكن إتيانه إلا بعد هذا. وهناك اليوم سلسلة من المطالب منها أنّ الأعلام رضوان الله تعالى عليهم قيّدوا محلّ البحث بما إذا كان هناك علم بفعليّة التكليف المتقدّم أو التكليف المتأخر وقلنا إنّ تقييد الحكم بالفعلية مبنيّ على القول بمراتب الحكم. وقد قلنا مراراً في مناسبات مختلفة أنّ القول بمراتب الحكم لا يرجع إلى معنىً معقول. ولذلك عبّرت عنه في بعض الجلسات بأنه من أنياب الأغوال وليس له معنى لأنّه القول بمراتب الحكم هو أن ينشئ المولى مرتبةً ثمّ ينشئ مرتبةً ثانية ثمّ ثالثة وهكذا وهذا معناه أنّ الاعتبار متعدّد وإذا تعدّد الاعتبار يكون المعتبر ومحل الاعتبار متعدداً أيضاً فلا يكون الاعتبار الثاني ملحقاً بالاعتبار الأول، يعني متمّماً للاعتبار الأوّل بل الاعتبار الأول حدث وانتهى والاعتبار الثاني يتحقق حينما يوجد الاعتبار. والنتيجة أنّ تقييد الأعلام ومنهم سيّدنا الأعظم رضوان الله تعالى عليه للحكم بأن يكون فعلياً متوقف على هذه النظرية السائدة في كلمات الأعلام وهي النظرية القائلة بمراتب الحكم. والتعبير الدقيق هو أنّه عالم بالحكم لا أكثر ولا أقل، فالتقييد بالفعلية غير واضح علينا. فالنتيجة أنّ إضافة كلمة الفعلية في كلمات الأعلام منهم السيد الأعظم جداً غير واضح.

ثمّ مطلب آخر أردنا أن نطرحه وهو أنه أفاد رضوان الله تعالى عليه إذا كان هناك ترديد بين ضدّين لهما ثالث مثلما إذا وجبت عليه الصلاة ووجب إنقاذ الغريق ويمكنه إمكاناً عقلياً لا شرعياً أن يتركهما معاً كأن ينام أو يشتغل بعمل آخر. فحينئذٍ هاهنا التدريجية أيضاً ليس لها معنى معقول فالمكلف لا يقدر عليهما معاً لا أنّه يشترط أن يكون أحدهما قبل الآخر والآخر بعد الأول فمعنى التدريجية أن يكون كل منهما متقيداً بقيد وهو أن يكون قبل ذاك وذاك يكون مقيداً بأن يكون بعد هذا. وفي الصلاة وإنقاذ الغريق ليس كذلك، إذا قلنا إنهما واجبان مع قطع النظر عن أنه هناك التزم العلماء بإنقاذ النفس المحترمة وأنه أهم من الصلاة، فذاك مطلب آخر فحينئذٍ الصلاة ليست مطلوبةً لا أنّ هذا مطلوب قبل ذاك وذاك مطلوب بعد هذا. فإذاً، ما أفاده السيّد الأعظم أو نسب إليه في كلام السيّد سرور في المقام غير واضح أيضاً. والذي ينبغي أن يقال هو أنّ المكلّف إذا علم بوجوب شيء في ظرف ووجوب شيء في ظرف بعد ذلك فمقتضى العلم بالتكليف يجب عليه القيام بهما، فيجب القيام بالمتقدّم كما يجب القيام بالمتأخر إذا كان كل منهما مطلوباً ولكن على نحو التدريج أو إذا كان كل منهما مطلوباً على نحو البدلية، فحينئذٍ إن ترك هذا الذي ظرفه متقدّم فيجب تعييناً الإتيان بما ظرفه متأخر وأما إذا أتى بما ظرفه متقدّم فبه تفرغ ذمّته من التكليف. فتحصّل ممّا ذكرنا أنّه نحن نقول بالأطراف التدريجية فالعلم بالتكليف يجب اتّباعه سواءٌ كانت الأطراف تدريجيّةً أو كانت دفعيّة، ولكن الكلام المنسوب إلى سيّدنا الأعظم جدّاً غير واضح في المقام. هذا، ويقع الكلام في القسم الثالث من الأقسام الثلاثة التي ذكرها السيد الأعظم للتدريجية إن شاء الله تعالى.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo