< قائمة الدروس

آیةالله الشيخ بشير النجفي

بحث الأصول

45/03/16

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: تنبيهات دوران الأمر بين المحذورين

كنا نحاول فهم كلام السيّد الأعظم رضوان الله تعالى عليه فيما إذا علم إجمالاً أنّه مطلوب لزيد إما بعشرة دراهم أو عشرين درهماً ولكن سبب هذا الشك أنه ما هو السبب في اشتغال الذمة لفلان. والسيّد الأعظم أصرّ إصراراً عجيباً غريباً أنه يغضّ النظر عن السبب ونحن والمسبب وهو اشتغال الذمة والقدر المتيقن منه هو العشرة والزائد مشكوك فيه فتجري البراءة مثلاً. وهذا الكلام منه رضوان الله تعالى عليه مع قطع النظر عمّا قلناه في السابق من أنه يوجد علم إجمالي والعلم لا يمكن رفع اليد عنه، نضيف إليه مطلباً آخر وهو أنه الأحكام التكليفية تختلف عن الأحكام الوضعية. ففي الاحكام الوضعية لا يتعقل تحقق حكم وضعي في الخارج بدون معرفة المنشأ إجمالاً أو تفصيلاً. فمثلاً الإنسان يقول علمت أنّ ثوبي نجس ولكن إذا لم يكن له منشأ فإنه يقول لا يوجد له منشأ يعني يغضّ النظر عن المنشأ تماماً ويحكم بالنجاسة فهذا غير واضح، بخلاف كراهة اللبس ونحو ذلك فهذا الحكم التكليفي يثبت وإن كنت جاهلاً بالمنشأ ولا أعلم المنشأ ولا أسأل عن المنشأ ولا ألتفت إلى المنشأ لأن الإنشاء هو إنشاء المولى وهو مشترك بين الحكم التكليفي والوضعي ولكن منشأ الحكم الوضعي إنما يكون الحكم الوضعي مرتبطاً به. فإذا كان المنشأ لا يتخلى عنه الحكم الوضعي فكيف يتعقل اشتغال الذمة وضعاً لزيد بعشرة أو بعشرين مع غض النظر عن المنشأ وأنه رأساً مشتغل فهذا غير واضح. فكلامه الشريف يمشي في الحكم التكليفي وأما في الحكم الوضعي وهو اشتغال الذمة فلا يجري. فالنتيجة، في المقام عندنا حكم وضعي وهو اشتغال الذمة وهذا الاشتغال لا بدّ أن يكون مرتبطاً بمنشئه وهو إما الاستدانة أو إتلاف الحاجة. فعلى هذا الأساس في هذا المثال لا يمكن غض النظر عن المنشأ وعن السبب، والتعبير بالسبب مسامحة، بواسطة هذا الشيء يحدث الحكم، بل في صورة هذا الشيء يحدث الحكم الوضعي. وأضاف السيد الأعظم إلى هذا المطلب فرعاً آخر، فيقول إنّ هذا يثبت إذا لم يكن هناك أصل حاكم على الموضوع، وفرض مثالاً لثبوت الأصل الحاكم ما إذا علم بأنّ ثوبه نجس إما بالبول وإما بالدم ولا يقصد نفس الدم فالدم يميّز باللون بل نجاسة ناشئة من الدم كالماء المتنجّس بالدم، فذاك الماء المتنجّس وقع على ثوبي أو ثوبي أصابه البول فحينئذٍ إذا كان الحكم بالنجاسة ناشئاً عن البول فلا بدّ من الغسل مرّتين، وإن كانت ناشئة من الدم فيكتفى بالغسل مرة واحدة، فإذا غسل مرة واحدة فحينئذٍ يقول رضوان الله تعالى عليه إنه يجري استصحاب عدم ثبوت الغسلة الثانية وهذا مرتبط بنفي ارتباط النجاسة بالبول فهاهنا أرجع نفسه إلى السبب وإلى المنشأ وهناك في المثال السابق غضّ نظره عن المنشأ وهذا كلّه غير واضح. والصحيح ما قلناه والعلم عند الله وعند الراسخين في العلم أنّ الحكم الوضعي لا يُنظر إليه مع غض النظر عن المنشأ بخلاف الحكم التكليفي فهو غير مرتبط بمعرفة المنشأ، مثلاً يستحب لبس العباءة أو لا يستحب أو يباح فلا أنظر إلى سبب الكراهة أو الإباحة ونحو ذلك، بخلاف النجاسة وكذلك اشتغال الذمة فإنّهما لا ينفصلان عن المنشأ، ونكتفي بهذا للدخول في بحث جديد.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo