< قائمة الدروس

آیةالله الشيخ بشير النجفي

بحث الأصول

45/03/15

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: تنبيهات دوران الأمر بين المحذورين

طرحنا في الجلسة السابقة فرعاً اختلف فيه العلمان السيّد الأعظم وأستاذ الأعلام والمراجع الشيخ النائيني أعلى الله درجاتهما في عليين وهو ما إذا كان لطرف العلم الإجمالي أكثر من أصل والطرف الثاني له أثر واحد فحينئذٍ هل يرفع اليد عن كل الآثار أو يرفع اليد عن خصوص الأثر المشترك بين الطرفين كما إذا علم المكلف أنّه إما هذا الماء المضاف نجس أو الماء المطلق نجس فمتعلّق العلم الإجمالي في هذا الجانب وذاك الجانب النجاسة ولكن الأثر في أحد الجانبين وهو الماء المضاف هو جواز الشرب فقط إذا لم يكن نجاسة ولأما في الطرف الثاني فأثران أحدهما جواز الشرب والآخر جواز الوضوء مثلاً منه أو غسل شيء من المتنجّسات بهذا الماء. والنائيني قال إن الأثر المشترك يثبت بما أنه هو المعلوم من تعلّق العلم وأما الأثر الزائد وهو منع الوضوء فلا يثبت. وهذا الذي أفاده النائيني قدس سره السيد رفضه بمقتضى تعارض الأصلين فيقول قدس سره على ما نسب إليه في كلام السيد سرور إنّ قاعدة الطهارة في الطرفين ساقطة فقاعدة الطهارة في طرف الماء المضاف معارضة بقاعدة الطهارة في طرف الماء المطلق فإذا تعارضت القاعدتان فسقطا فلا يمكن إثبات طهارة هذا ولا يمكن إثبات طهارة ذاك فحينئذٍ يجب تحكيم العلم الإجمالي في ترتيب آثار الطهارة على الماء وكذلك ترتيب آثار الطهارة على الجانب الآخر وهو الماء المضاف. السيّد الأعظم قال بهذا ونحن قلنا في الجلسة السابقة أنّ مصبّ العلم الإجمالي نجاسة هذا أو نجاسة ذاك، فما دام مصبّ العلم الإجمالي هو هذا فمقتضى حجيّة العلم الإجمالي هو رفع اليد عنهما معاً فلا يترتب أثر الطهارة على أي منهما سواء كان أثر الطهارة هو الوضوء أو كان الشرب، هكذا قلنا والسيد الأعظم يقول قاعدتا الطهارة تتعارضان وتسقطان، وهذا المطلب قد تقدّم في بعض الجلسات السابقة وقلنا إنّ الأصول العملية لا تثبت بها اللوازم باعتبار أنّ اللوازم إنما تثبت في خصوص الأمارات والحجج التي تكشف عن الواقع والأصول العمليّة تعيّن وظيفة الشاك في مقام العمل ولا تثبت الواقع. فبما أنه أصالة الطهارة لا تثبت الطهارة الواقعية في هذا الجانب ولا في ذاك الجانب فدعوى التعارض من السيد الأعظم غير واضحة فإنّ دعوى التعارض إنما تثبت فيما إذا التزمنا بالدلالة الالتزامية للأصول العملية كما التزمنا بها في الأمارات. ففي الأمارات نثبت المدلول المطابقي وكذلك نثبت المدلول الالتزامي وهناك تثبت الطهارة، كالبيّنة بأنّ هذا الكتاب لزيد فإذا كان هناك بيّنة أخرى أن الكتاب الثاني لزيد فالبينة الأولى تقول إنّ هذا الكتاب لزيد وتنفي بالدلالة الالتزامية أن يكون الكتاب الثاني لزيد وكذلك البيّنة الثانية فحينئذٍ يثبت بالدلالة الالتزامية نفي كلا الأمرين فهذا يأتي في الامارات وأما الأصول العملية فليست لها دلالات التزامية ولا يؤخذ بها أبداً. ففي المقام دعوى تعارض قاعدة الطهارة او أصالة الطهارة في الجانبين، هذه الدعوى المنسوبة إلى السيد الأعظم رضوان الله تعالى عليه جداً غير واضحة، وقد تقدم هذا.

ثمّ طرح رضوان الله تعالى عليه مطلباً آخر من المطالب المرتبطة بالعلم الإجمالي. فيقول إنه لو كان لدى المكلّف علم بأنّه مطلوب بعشرة دراهم لزيد لأنه استدان منه أو بعشرين درهماً مثلاً لأنه أتلف حاجته فهو يعلم إجمالاً بأنه إما استدان وإما أتلف حاجته فحينئذٍ يقول السيّد رضوان الله تعالى عليه أنه يغضّ النظر عن سبب اشتغال الذمة بل نفس اشتغال الذمة مردد بين الأقل والأكثر فالأقل يثبت لأنه متيقّن والأكثر ينفى بواسطة أصالة البراءة، وغضَّ النظر عن السبب. ونقول في مقام الملاحظة في خدمة السيّد الأعظم رضوان الله تعالى عليه أنّه لمَ يغض النظر عن العلم الإجمالي؟! فلو لم يكن للعلم الإجمالي إلا ما ذكر وأنه مطلوب عشرة أو عشرين فحينئذٍ كان له الحق في أن يرفع اليد عن العلم الإجمالي ولكن الأمر ليس كذلك، فإن كان قد استدان فهو لم يعتدِ على زيد وأما إذا كان قد أتلف فهو اعتدى عليه، فللعلم الإجمالي آثار فلمَ يغض النظر عن تلك الآثار؟! فالنتيجة أنّ مقتضى العلم الإجمالي هو أنه يجري فيه أنه يعلم إجمالاً أنه إما دائن وإما متلف الحاجة فإما أن تجري مصالحة بينهما أو طريقة حل من الحلول القضائية. فغضّ النظر عن السبب مع وجود اختلاف السببين بالحكم مع العلم الإجمالي غير واضح. هذا، وللكلام تتمّة.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo