< قائمة الدروس

آیةالله الشيخ بشير النجفي

بحث الأصول

45/03/11

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: تنبيهات دوران الأمر بين المحذورين

ما زلنا في ساحة السيّد الأعظم أعلى الله درجاته في عليين فإنّه ذكر بعض المطالب أتصوّر أنّها غير واضحة. ومن المطالب ما أشرنا إليه في الجلسة السابقة من أنه علم بوجوب صلاة الظهر وعلم بزوال الشمس ومن هنا علم بوجوب صلاة الظهر، لكن بعض مرور وقت كدقائق أو ساعة أو أكثر شكّ هل أتى بصلاة الظهر أم لم يأتِ.. فيقول قدّس الله روحه الطاهرة إنّ العلم غير باقٍ ولكن التنجيز باقٍ. ومقتضى تنجيز العلم أنه يجب على المكلف الإتيان بصلاة الظهر. وهذه الجملة غير واضحة جداً، فالتنجيز لازم للعلم وغير مفارق، يعني لا يمكن أن يكون العلم موجوداً ولا يكون التنجيز موجوداً أو التنجيز موجوداً ولا يكون هناك علم، وكلاهما غير معقول فكيف يلتزم بأنّ العلم غير باقٍ والتنجيز باقٍ؟ ومضافاً إلى ذلك ما قلته في الجلسة السابقة وهو أنّ المعلوم الحقيقي عبارة عن الصورة الذهنية التي تكون مع العلم والعلم والصورة باقيان حتى إذا كان المكلّف قد أتى بصلاة الظهر لأنه كان العلم بتحقق وجوب الصلاة واشتغال الذمة به وهذا العلم باقٍ ما دام لم ينس وما دام لم يرتفع ذلك العلم.. والمعلوم ليست الصلاة الخارجية وليس الوجوب الخارجي التشريعي الاعتباري وإنما المعلوم هو تلك الصورة الذهنية التي تلازم العلم ولا تختلف ولا تبتعد عن العلم وأما المعلوم غير الحقيقي والمعلوم المجازي وهو الوجود الاعتباري أوجده الشارع فذاك معلوم بالواسطة ومعلوم بالعرض والمعلوم الحقيقي هي الصورة. فدعواه الشريفة أنّ العلم غير باقٍ والتنجيز باقٍ فأتصوّر أنّ هذا تناقض مثلما يقال إنّ الشمس باقية وضوؤها غير باقٍ مثلاً فهذا غير معقول. فالتنجيز والعلم كلاهما باقيان. وأما إتيان الصلاة فهو ليس بمقتضى ذلك العلم بحدوث الوجوب وإنما هو بمقتضى الاستصحاب باعتبار أنه قد علم بتحققه والآن يشك في الامتثال بمعنى أنه يشك في انتفاء ذلك الوجوب وزواله، لا الوجوب الذهني بل الوجوب الاعتباري الذي أوجده المولى، هل ارتفع أو لم يرتفع؟! فهنا شك في الارتفاع فيجري استصحاب بقاء ذلك الوجوب الاعتباري الذي أنشأه المولى فذاك باقٍ.. فيكون وجوب الإتيان بمقتضى الاستصحاب وليس بمقتضى ذلك العلم الذي تعلّق بالصورة الذهنية. ومثاله الثاني أيضاً مشتمل على نفس المسامحات وهو ما إذا علم بوجوب صلاة إما مطالب بالقصر إن كان هو مسافراً في المكان الذي وصل إليه ووظيفته القصر، أو وظيفته التمام. فإن أتى بإحدى الصلاتين، القصر أو التمام، فحينئذٍ أيضاً يقول التنجيز باقٍ والعلم غير باقٍ، وهذا غير واضح جداً، فالتنجيز لازم للعلم وليس شيئاً مفارقاً له ولا يعقل أن يكون العلم غير باقٍ والتنجيز باقياً كما لا يمكن أن يكون التنجيز مرتفعاً والعلم باقياً، فبينهما تلازم على نحو تلازم الزوجية للاثنين فكما لا يمكن في الزوجية والاثنين أن يرتفع أحدهما دون الآخر ففي المقام أيضاً كذلك. ولكن في المثال الثاني نلتفت أيضاً إلى أنه هو علم بوجوب صلاة الظهر قصراً أو تماماً فما لم يجزم بأنّ ما طلبه منه المولى قد أتى به فنفس استصحاب بقاء الوجوب وبقاء التكليف باقٍ فيكون وجوب الإتيان بصلاة القصر بعد التمام أو بالعكس إنما هو بالاستصحاب وليس بمقتضى العلم السابق أو التنجيز للعلم السابق. فكيف يقول أنّ التنجيز باقٍ والعلم غير باقٍ؟! فهذا كلّه مشتمل على هذه المسامحات. ثمّ دخل في "إن قلت قلت.." وأطال الكلام في صفحتين تقريباً أو أكثر وهذا نتركه وندخل في التنبيه القادم إن شاء الله.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo