< قائمة الدروس

آیةالله الشيخ بشير النجفي

بحث الأصول

45/03/01

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: تنبيهات دوران الأمر بين المحذورين

كنا في التنبيهات التي أفادها الأعلام رضوان الله تعالى عليهم من لدن الشيخ الأعظم رضوان الله تعالى عليه مروراً بصاحب الكفاية وإلى سيّدنا الأعظم والتي طرحها علماؤنا الأبرار في بحث دوران الأمر بين المحذورين. ومن جملة هذه التنبيهات التنبيه الرابع الذي طرح فيه السيد الأعظم بعض المطالب العلمية الشريفة زاد الله في شرفه أنّه إذا كان هناك علم إجمالي بالنجاسة أو بثبوت التكليف في أحد الطرفين وكان أحد الطرفين خارجاً عن محلّ الابتلاء أو كان الإنسان مضطرّاً إلى استخدامه فمثلاً علم بنجاسة هذا الماء الصافي أو شيئاً آخر وهو من جهة العطش مضطر إلى شرب الماء فقالوا أنّه الأصل النافي في الطرف الثاني يثبت بلا معارض لأنّه لا يوجد الأصل الجاري في الطرف المضطر إليه الإنسان أو الطرف الذي هو خارج عن محل الابتلاء. أما التعبير بأنّ الأصل لا يجري فيما هو خارج عن محل الابتلاء فهذا التعبير علميّ دقيق فإنّ الأصل العملي إنّما يبيّن ويحدّد وظيفة المكلّف في مقام العمل وليس في مقام الاعتقاد، فالأصل العملي لا يثبت الاعتقاد وإنما يثبت جواز العمل أو عدم جواز العمل فقط. فالتعبير بأصل العملي نفسه يقتضي أن لا يكون الأصل جارياً في الطرف الذي هو خارج عن محل الابتلاء أو الإنسان مضطر إلى ارتكابه. ولكن تعبير الاعلام رضوان الله تعالى عليهم من لدن الشيخ الأعظم الأنصاري مروراً بصاحب الكفاية وصولاً إلى السيّد الأعظم أعلى الله درجاتهم جميعاً في عليين بأنّ هذا الأصل يجري بلا معارض، فالتعبير بلا معارض يقتضي أنّ الأصل العملي كما جرى في هذا الطرف وكذلك كان جارياً في الطرف الآخر لكان بينهما معارضة والأصل الجاري في الكأس اليمين ينفي الحكم في هذا الجانب وبالدلالة الالتزامية يثبت الحكم في الطرف الثاني وكذلك الأصل الجاري في الطرف الثاني ينفي من هناك ويثبت في هذا، فلو التزمنا هكذا، ولا نلتزم، لقلنا معرضة أو بلا معارضة ولكن هذا غير صحيح فإنّ الأصل العملي ليس له دلالة التزامية وإنّما له دلالة مطابقية فقط وفقط. فإذا كانت دلالة الأصل العملي منحصرة بالدلالة المطابقية فالتعبير بالمعارضة جداً غير واضح وخذا التعبير غير سليم بمقتضى الموازين العلمية. والتعارض يثبت إذا كان هناك دلالة مطابقية والتزامية مثل أن تقوم البيّنة على أنّ هذا الكتاب لزيد وبيّنة أخرى تقول بأنّ الكتاب لخالد، فلكلّ من البيّنتين دلالة مطابقيّة ودلالة التزامية فالدلالة المطابقية هي أنّ الكتاب مملوك لزيد والدلالة المطابقية للبيّنة الأخرى أنّ هذا الكتاب مملوك لخالد، وللدلالتين المطابقيتين لازم وهو نفي كون الكتاب مملوكاً لخالد أو لزيد. فالبيّنة التي تثبت أنّ الكتاب لزيد تثبت وتدلّ على عدم ملكيّة خالد وكذلك البيّنة التي تثبت أنّ الكتاب لخالد تنفي بالدلالة الالتزامية أن يكون الكتاب لزيد. فهناك دلالتان مطابقية والتزامية، ولذلك يثبت بينهما التعارض. وأمّا إذا لم يكن للبيّنة دلالة التزامية فرضاً كما لا يوجد للأصول العملية فالتعبير بالمعارضة ليس واضحاً أصلاً. فكان على العلماء سوق الكلام بنحو آخر بأن يقول أنّه بمقتضى الأصل العملي أنه هذا نجس وبمقتضى الأصل العملي الآخر أنه ذاك نجس وعندنا في المقام علم إجمالي بأنّ النجاسة ثابتة لأحدهما دون الآخر فحينئذٍ ننفي جريان الأصل في كلا الطرفين لأنه أحدهما قطعاً مخالف للواقع حسب العلم، فإذا كان أحدهما مخالفاً للواقع ولا نميّز المخالف للواقع عن الموافق للواقع فلا تشمل أدلّة اعتبار الأصل، لا لهذا الأصل ولا لذلك الأصل. فعدم شمول دليل الاعتبار لهذا الأصل ولذلك الأصل يكون هو السبب في سقوط الأصلين معاً لا أنّه التعارض كما قال الأعلام رضوان الله تعالى عليهم. هذا، وللكلام متابعة.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo