< قائمة الدروس

آیةالله الشيخ بشير النجفي

بحث الفقه

45/06/27

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: لباس المصلي: المقصود من محرم الأكل ومحلل الأكل

 

أفاد السيد اليزدي (رض) بحرمة لبس الذهب للرجل، ثم ذكر أن الصلاة بالذهب باطلة.

ولم يبين أن البطلان هل يكون مخصوصاً بالعمد أو العلم أو النسيان أو لا؟ أطلق (رض) الحكم بالبطلان.

وكلامنا اليوم في القسم الأول من كلامه الشريف وهو الحكم بحرمة لبس الذهب.

والظاهر أنه فرّق بين حرمة لبس الذهب وحمله خلافاً لكثير من أحكام محرمات اللبس حيثث حكمنا تبعاً لكثير من الأعلام بحرمة اللبس والحمل.

أما هنا فكلامه الشريف حصره باللبس.

ونحن وإن ذكرنا مراراً بأن مقدمات الحكمة لا تجري في كلمات الأعلام إلا أن كلامه تصريح باللبس دون غيره.

هذا بالنسبة إلى اليزدي (رض) أما السيد الأعظم فقد ذكر المسألة وادعى الإجماع والضرورة على حرمة اللبس، ثم استدل بالنصوص الشريفة فضعّف بعضها وصحح بعضاً.

وفيه:

أولاً لم يبين (رض) قصده من الضرورة هل هي ضرورة مذهبية أو إسلامية، والفرق واضح بينهما، إلا أن القدر المتيقن من كلامه الشريف هو الضرورة المذهبية.

ثانياً استدلاله بالنصوص بعد ذكر الإجماع غير واضح؛ لأنا جميعاً نعلم أن الإجماع هو اتفاق العلماء الكاشف عن رأي الشارع المقدس، فإذا كان في المقام رواية أفتى بحسبها بعض الأعلام على الحرمة فلا يبقى مجال للإجماع فضلاً عن الضرورة.

لأن الإجماع لا يكون إلا مع فقدان الآية أو الرواية.

وهذا غريب منه!

وعلى كل حال فنحن نتأمل بالروايات الشريفة التي وردت في المقام.

منها رواية معتبرة ذكرها الشيخ الطوسي في الجزء الثاني من تهذيب الأحكام وهي الرواية الثمانون من باب ما يجوز الصلاة فيه من لباس...:

عمار بن موسى عن أبي عبد الله عليه السلام في الرجل يصلي وعليه خاتم حديد قال: لا ولا يتختم به الرجل فإنه من لباس أهل النار، وقال: لا يلبس الرجل الذهب ولا يصلي فيه لأنه من لباس أهل الجنة.. الحديث.

فالشاهد فيه أنه خصص لبس الذهب لأهل الجنة، وبعبارة أخرى فإن الله حرمه على الرجل في الدينا وتركه لأهل الجنة.

ومنها: الرواية العاشرة من الباب الثلاثين من أبواب لباس المصلي:

عن عبد الله بن الحسن، عن جده علي بن جعفر، عن أخيه موسى بن جعفر (عليهما السلام)، قال: سألته عن الرجل هل يصلح له الخاتم الذهب؟ قال: لا.

وهذه الرواية دلالتها واضحة في الحرمة ولكن سندها ضعيف.

ومنها: الرواية السابعة من نفس هذا الباب، روى الشيخ الصدوق في (معاني الأخبار): عن حمزة بن محمد العلوي، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن محمد بن أبي عمير، عن حماد بن عثمان، عن عبيد الله بن علي الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال علي (عليه السلام): نهاني رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ولا أقول نهاكم، عن التختم بالذهب... الحديث.

وهذه الرواية معتبرة سنداً، وربما يقال إنها تدل على عدم الحرمة ولكن ذلك غير واضح؛ لأن أمير المؤمنين عليه السلام في مقام نقل ما خصه رسول الله صلى الله عليه وآله به، أما هل أنه يعم باقي المكلفين فليس واضحاً من الرواية؛ لأنه عليه السلام قال: ولا أقول نهاكم.

وهذا لا يعني أنه صلى الله عليه وآله لم ينههم، فقد دلت رواية التهذيب على النهي، ولذا لا تعارض في المقام بعد بيان رواية التهذيب وجود النهي.

ومنها: الرواية الثالثة من نفس الباب، رواها الكليني (رض) عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمد الأشعري، عن ابن القداح، عن أبي عبد الله ( عليه السلام )، أن النبي (صلى الله عليه وآله) تختم في يساره بخاتم من ذهب، ثم خرج على الناس، فطفق [ الناس ] ينظرون إليه، فوضع يده اليمنى على خنصره اليسرى حتى رجع إلى البيت فرمى به فما لبسه.

وفيها:

أولاً ضعف السند بسهل حيث أنه لم تثبت وثاقته عندنا.

ثانياً دلالتها على كون النبي الأعظم صلى الله عليه وآله قد لبس الذهب، ولذا ربما قيل بدلالتها على الجواز، ولكن هذه الرواية لا تتلاءم مع كلام الصادق عليه السلام من كونه مختصاً بأهل الجنة.

حاول السيد الأعظم أن يحملها على كونها حصلت في بداية الشريعة ولعله لم يكن الذهب محرماً ولكن ما فيها من نظر الناس واستغرابهم لفعل رسول الله صلى الله عليه وآله لا يساعد على ما أفاده (رض).

فالخلاصة أن هذه الرواية لا يمكن الاعتماد عليها لجهة ضعف سندها.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo