< قائمة الدروس

آیةالله الشيخ بشير النجفي

بحث الفقه

45/05/18

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: لباس المصلي/ الصلاة في المشكوك بكونه من مأكول اللحم/

 

ما زلنا في كلمات السيد الأعظم التي جعلها مقدمة لرده على إشكال الاستصحاب الذي وصل إليه البحث.

وأما جدوى هذه المطالب فلا يتبين إلا بعد أن نبيّن كل كلامه (رض) وحقيقة هي مطالب مهمة نستفيد منها إن شاء الله.

من جملة ما طرحه (رض) أن العام قد يأتيه مخصص متصل كالاستثناء وغيره، نحو: أكرم العلماء إلا الفساق، أو أكرم العلماء العدول، وكلها تضيّق دائرة المقصود باللفظ.

وقد يأتي المخصص منفصلاً، كأن يقول: أكرم العلماء ثم بعد فترة يقول: لا تكرم الفساق.

وذهب سيدنا الأعظم تبعاً للأعلام كشيخنا الأنصاري والأخوند الخراساني والمحقق النائيني (رض) إلى أن في المخصص المتصل لا ينعقد في الكلام ظهور إلا في الخاص.

وأما في المخصص المنفصل فينعقد ظهور يصادمه الظهور في المخصص المنفصل الدال على عدم إرادة العموم.

وعبروا عن المراد بواسطة المخصص المنفصل بالمراد الجدّي، ودلالة اللفظ على العموم قبل وصول المستمع إلى المخصص المنفصل عبروا عنها بأنها إرادة استعمالية.

وهذا الكلام من هؤلاء الأعلام عليه بعض الملاحظات:

منها: أن مقتضى هذا الكلام أن دلالة اللفظ على المعنى خاضعة للإرادة، وعبروا عنها بالإرادة الاستعمالية، ويقابلها إرادة غير استعمالية أي غير ما استعمل فيه اللفظ، وبعد التخصيص فالمراد هو خصوص الخاص.

وعليه ففي المقام إرادتان: الأولى إرادة العموم، والثانية تخالف الأولى وهي إرادة الخصوص، وعبروا عنها بالإرادة الجدية.

وهذا غير واضح، لأن اللفظ إذا وضع للمعنى تصبح بينهما علاقة اعتبارية، ومع كثرة استعمالها تصبح العلاقة الوضعية بينهما شبه علقة تكوينية، فينتقل ذهن المستمع من الإحساس باللفظ (سماعاً أو قراءةً) إلى الإحساس بالمعنى بسبب هذه العلقة.

فسماع كلمة من النائم مثلاً يدلك على معنى لما تلفظه النائم، سواء قصد أم لم يقصد.

وعليه فهذه الدلالة ليست خاضعة للإرادة حتى نعبر عنها بالإرادة الاستعمالية، بل لا يمكن تصور قصد اللافظ نفسَ انتقال المعنى إلى ذهن المستمع، نعم ما يقصده اللافظ هو التلفظ، أما الانتقال فيصبح بواسطة العلقة الاعتبارية التي تشبه التكوينية كما بينا.

نعم، عند سيدنا الأعظم (رض) الوضع عبارة عن التعهد أي أن الواضع يتعهد ويلتزم إذا أراد تفهيم معنى معين تلفظ بلفظ لهذا الغرض، وهذه النظرية رفضناها وذكرنا ذلك مراراً، لأن اللفظ لو كان بدون قصد لا يدل على معنى وعليه فكيف يكون الوضع تعهداً؟

فدلالة اللفظ على المعنى خاضعة للعلقة الوضعية، فلو تلفظ بالعام يتخيل المستمع إرادته للعام وبعد فترة لسبب ما جاء بالخاص فيُعرف أنه لم يرد العموم، فمعنى كون هناك إرادتان يعني إرادة التلفظ؛ لأن الصوت لا يخرج من اللافظ بدون إرادة في مثل غير النائم، مضافاً إلى إرادة المعنى.

أما دعوى وجود إرادة ثالثة غير هاتين عبروا عنها بالإرادة الجدية فغير واضحة.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo