الموضوع: الصلاة في المشكوك بكونه من مأكول اللحم

استُدل على صحة الصلاة بالمشكوك كونه من مأكول اللحم بأن ما كان من مأكول اللحم فهو طاهر وما كان من غير المأكول فهو نجس، وأصالة الطهارة تجري في المقام.

وضرب له مثالاً ثوباً مشكوكاً كونه من شاة أو كلب.

والسيد الأعظم أشكل على ذلك بأن الملازمة تثبت بين الطهارة وبين صحة الصلاة وحلية الأكل، ولكن إثبات اللازم بأصالة الطهارة مشكل.

وذكر أن ذلك يتم في خصوص المثال أما جعل ذلك قاعدة عامة كما هو محل الكلام، فلا.

فاللوازم لا تثبت إلا بأصل محرز كالاستصحاب، وهذا ليس استصحاباً.

هذا ملخص كلام سيدنا الأعظم، وهو غير واضح.

والوجه في ذلك أن مع التسليم بكون اللازم لا يثبت بأصل عملي، ولكن ما هو التلازم المقصود في المقام؟

التلازم العقلي بين شيئين منحصر بصورتين:

أن يكون أحدهما علة للآخر.

أن يكون كلاهما معلولين لعلة ثالثة.

أما إذا كان التلازم بين الحكم والموضوع فهذا يثبت بالشرع؛ لأن الموضوع ليس علة للحكم.

فموضوعية الموضوع جعلية من الشارع، وعليه يكون التلازم شرعياً لا عقلياً.

فإشكال سيدنا الأعظم غير وارد.

ومع ذلك فنفس الدليل غير تام.

والوجه في ذلك، أن الشك في المقام شك في كونه من مأكول اللحم أو لا، لا أنه شك في كونه طاهراً أو نجساً.

دليل آخر ذكروه في البين، وهو أن هذا الثوب المشكوك كان مباحاً للمكلف قبل بلوغه والآن بعد بلوغه طرأ الشك في حلية لبسه فيجري فيه استصحاب الحلية.

وللسيد الأعظم إشكالان عليه.

الأول: أن هذا الطفل كان قلم التكليف موضوعاً عنه، أما بعد بلوغه صار مخاطباً للشرع فصار موضوعاً آخر.

فجر الحكم من قبل البلوغ إلى ما بعد البلوغ ليس استصحاباً معتبراً.

وهذا الإشكال من سيدنا الأعظم تام ولا مفر منه.

الثاني: أن الحلية الثابتة في حق الطفل إنما هي حلية فعلية، وكلامنا في الحلية الشأنية الطبيعية.

فلا تثبت الشأنية الطبيعية باستصحاب الفعلية.

وهذا الإشكال غير واضح؛ أما أولاً فلأنه مبني على القول بمراتب الحكم، وقلنا مراراً بأنّا لا نقول بمراتب الحكم.

أما ثانياً ففي الحكم الثابت بحق الطفل ـ مع قطع النظر عن تراتبية الحكم ـ فالحرمة ثابتة لنفس الشيء الذي لبسه المكلف لا باعتبار بلوغه وعدمه.

والنتيجة أن الدليل الثاني أيضاً غير واضح.