< قائمة الدروس

الأستاذ السيد يوسف الأرزوني

بحث الفقه

34/05/09

بسم الله الرحمن الرحیم

 الفقه \ كتاب الطلاق \ شروط صحة الطلاق \ عدم اعتبار علم الشاهدين
 الامر الثاني: في عدم اعتبار علم الشاهدين لا بالمطلقة ولا بالمطلق في مقام انشاء الطلاق .
 قال صاحب المدارك في نهاية المرام: ( واعلم أن الظاهر من اشتراط الاشهاد أنه لا بد من حضور شاهدين يشهدان بالطلاق ، بحيث يتحقق معه الشهادة بوقوعه ، وإنما يحصل ذلك مع العلم بالمطلقة على وجه يشهد العدلان بوقوع طلاقها ، فما اشتهر بين أهل زماننا - من الاكتفاء بمجرد سماع العدلين صيغة الطلاق وإن لم يعلما المطلق والمطلقة بوجه بعيد جدا ، بل الظاهر أنه لا أصل له في المذهب ، فإن النص والفتوى متطابقان على اعتبار الاشهاد ، ومجرد سماع صيغة لا يعرف قائلها لا يسمى إشهادا قطعا . وممن صرح باعتبار علم الشهود بالمطلقة الشيخ في النهاية ) [1]
 وقد رد عليه صاحب الحدائق فقال: ( وبالجملة فإن ما ذكرنا من الاكتفاء بالمعرفة الاجمالية هو الذي جرى عليه مشايخنا الذي عاصرناهم وحضرنا مجالس طلاقهم كما حكاه هو أيضا عما اشتهر في زمانه ، وأما ما ادعاه - رحمه الله - فلم أقف له على موافق ، ولا دليل يعتمد عليه ، ولم أقف لأحد من أصحابنا على بحث في هذه المسألة سوى ما نقلناه عنه ، وقد عرفت ما فيه ) [2]
 اقول: ان ما ذكره سيد المدارك يساعد عليه الاعتبار بناء على ان الاشهاد حال الانشاء هو مقدمة بحسب الظاهر لإقامة الشهادة عند التنازع في وقوع الطلاق وعدمه بحيث يمكن لمدعي الطلاق الاستناد في دعواه الى البينة ولكن ذلك لا يتم على اطلاقه لأنه لو شهد على ايقاعه شخصان لا يقبل شهادتهما على المطلق او المطلقة لأمر لا ينافي العدالة كالخصومة الدنيوية او الأبوة على ما قيل.
 وكيف كان فقد استدل له:
 أولا: بما رواه الكليني
 عن عبد الله بن جعفر ، عن محمد بن أحمد بن مطهر قال : كتبت إلي أبي الحسن صاحب العسكر ( عليه السلام ): ( انى تزوجت أربع نسوة ولم أسأل عن أسمائهن ثم اني أردت طلاق إحداهن وتزويج امرأة أخرى فكتب ( عليه السلام ) : انظر إلى علامة إن كانت بواحدة منهن فتقول : اشهدوا ان فلانة التي بها علامة كذا وكذا هي طالق ثم تزوج الأخرى إذا انقضت العدة ) [3]
 وقد استدل بها الشيخ في النهاية عل اعتبار علم الشهود بالمطلقة .
 ثانيا: بصحيحة حمران
 عن محمد بن أحمد بن يحيى ، عن بنان بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن علي بن رئاب ، عن حمران ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ( لا يكون خلع ولا تخيير ولا مباراة إلا على طهر من المرأة من غير جماع وشاهدين يعرفان الرجل ويريان المرأة ويحضران التخيير وإقرار المرأة أنها على طهر من غير جماع يوم خيرها ) [4]
 ثالثا: بصحيح ابي بصير المرادي
 محمد بن يعقوب ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، وعن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد جميعا ، عن ابن محبوب ، عن ابن رئاب ، عن أبي بصير يعني المرادي قال: ( سألت أبا جعفر عليه السلام عن رجل تزوج أربع نسوة في عقدة واحدة أو قال في مجلس واحد ومهورهن مختلفة قال : جائز له ولهن ، قلت : أرأيت إن هو خرج إلى بعض لبلدان فطلق واحدة من الأربع وأشهد على طلاقها قوما من أهل تلك البلاد وهم لا يعرفون المرأة ثم تزوج امرأة من أهل تلك البلاد بعد انقضاء عدة المطلقة ثم مات بعد ما دخل بها كيف يقسم ميراثه ؟ قال : إن كان له ولد ، فان للمرأة التي تزوجها أخيرا من أهل تلك البلاد ربع ثمن ما ترك ، وإن عرفت التي طلقت من الأربع بعينها ونسبها فلا شئ لها من الميراث وعليها العدة ، وقال : ويقتسمن الثلاثة النسوة ثلاثة أرباع ثمن ما ترك وعليهن العدة ، وإن لم تعرف التي طلقت من الأربع قسمن النسوة ثلاثة أرباع ثمن ما ترك بينهن جميعا ، وعليهن جميعا العدة ) [5]
 ويرد على ما قاله صاحب المدارك: بان الذي دلت عليه النصوص انما هو اعتبار سماع الشاهدين لصيغة الطلاق ولا يلزم منه معرفة المطلق ولا المطلقة .
 بل يوجد في النصوص المتقدمة ما يدل على عدم اعتبار العلم كالنصوص الدالة على ان مجرد السماع كاف ولو لم يقل لهم اشهدوا .
 وكذلك نصوص طلاق الغائب تشهد بذلك فان الغالب في شهود الغائب عدم المعرفة بالمطلقة ولا سيما اذا كان مسافرا الى الاماكن البعيدة مضافا الى السيرة القطعية المستمرة الى زماننا هذا فان المطلق يحضر الى قوم ويطلق من دون ان يعرف الشهود المرأة بوجه .
 وكذلك صحيح ابن بصير المرادي المتقدم كما بينا .
 وعلى ذلك فلو قال زوجتي طالق من دون ان يذكر اسمها بل لو اعتقد غيرها صح الطلاق وكذا لو لم يعلما بكون المطلق هو الزوج او الوكيل وكذلك يصح الطلاق بسماع من لا يبصره ولا يعرفه لعمى او غير ذلك
 واما المكاتبة: فهي لا تدل على اعتبار العلم ولا تعيين المطلقة كما مر ولذا يكتفي باي علامة ولو لم يعرفها الشهود كأن يقول زوجتي التي هي اقصر واحدة عندي طالق او اقل سنا
 واما صحيح حمران: فلم يعمل بها الاصحاب لورودها في التخيير الباطل عندنا ولعدم اشتراط حضور المرأة مجلس الطلاق بل يصح طلاقها وان لم تعلم .
 ومعارضته بصحيح ابن بصير المتقدم والجمع بينهما لو تمت الحجية هو حمل صحيح حمران على الاستحباب .
 فتحصل: انه لا يعتبر العلم بالمطلقة ولا بالمطلق نعم من اجل تتميم الفائدة يستحسن ان يعرف الشهود المطلقة والمطلق حتى يمكن ان يشهدا بوقوعه لدى القاضي عند التنازع .


[1] - نقله صاحب الجواهر ج 32 ص 103
[2] - الحدائق الناضرة ج 25 ص 251
[3] - الوسائل باب 21 من ابواب مقدمات الطلاق ح1
[4] - الوسائل باب 24 من ابواب مقدمات الطلاق ح2
[5] - الوسائل باب 23 من ابواب مقدمات الطلاق ح1

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo