< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الأصول

41/10/17

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: الاخبار العلاجية

قلنا ان الافتاء تارة يكون في المسألة الفرعية واخرى يكون في المسألة الاصولية

اما الافتاء في المسألة الفرعية فالجائز منه ان يفتي بمضمون ما اختاره من مضمون احد الدليلين المتعارضين

لأن ما اختاره يكون حجة عليه لان الادلة تمت على التخيير فاذا اختار احد الدليلين يوجب صيرورة الدليل الذي اختاره حجة على مضمونه وهو الحكم الشرعي فيكون حاله حال الاحكام التي قامت عليها الحجة عنده فيفتي به استنادا الى هذا الدليل وحينئذ يكون حجة على المقلد ويجب على المقلد حينئذ اتباعه والعمل به

والمقدار غير الجائز من الافتاء في المسالة الفرعية هو الافتاء بالتخيير بين مضموني الدليلين باعتبار ما قلناه من انه لم يدل دليل على التخيير بين الحكمين وانما الدليل دل على التخيير بين الدليلين

وبعبارة اخرى ان كل دليل من الدليلين المتعارضين يدل على مدلوله تعييناً والتخيير بين مدلولي الدليلين لا دليل عليه

وأما الافتاء في المسألة الاصولية فلا اشكال في جوازه عندهم وهو الافتاء بالتخيير بين الخبرين المتعارضين باعتبار ان هذا التخيير قامت عليه الحجة كما هو المفروض في محل الكلام، غاية الامر ان المكلف لا يستطيع احراز موضوع هذا التخيير فالمجتهد هو الذي يعثر على الدليلين المتعارضين وهو الذي يفهم من الدليل الاول وجوب العتق ومن الاخر وجوب الاطعام مثلا

فالمجتهد بامكانه ان يفتي بالتخيير في المسألة الاصولية ولا يمكنه ذلك في المسألة الفرعية نعم في المسألة الفرعية له ان يفتي بمضمون ما اختاره من الدليلين

وبناءً على هذا هم صرحوا ان المجتهد اذا افتى بمضمون ما اختاره فيجب على المكلف متابعته كسائر فتاواه

وهذا لا ينسجم مع قولهم بان المجتهد له ان يفتي بالتخيير في المسألة الاصولية فإن معناه ان يجعل المقلد هو الذي يتخير بين الدليلين ولازم هذا انه قد يكون ما اختاره المقلد غير ما اختاره المجتهد، فلو اختار غير ما اختاره المجتهد وهذا يتنافي مع قولهم اذا افتى المجتهد بمضمون ما اختاره يجب على المقلد العمل بذلك

فالقول بان المقلد يجب عليه متابعة المجتهد اذا افتى بمضمون احد الخبرين وهذا يعني ان المقلد لا اختيار له ينافي الحكم بالتخيير في المسالة الاصولية، فالجمع بينهما مشكل

ويمكن ان يكون مقصودهم انهم لا يريدون القول بان المجتهد له ان يفتي بكلا الامرين في ان واحد بل يفتي باحد الامرين فاما ان يفتي بمضمون ما اختاره فيجب على المقلد اتباعه او يفتي بالتخيير في المسالة الاصولية

ثم ان كل البحوث المتقدمة كانت فيما اذا كان المتعارضان متعارضين بنحو التباين، واما اذا كان التعارض بنحو العموم والخصوص من وجه فذكر احتمالان في المقام

الاحتمال الاول: العمل بكلا الدليلين المتعارضين بنحو العموم والخصوص من وجه في موردي الافتراق لان العمل بهذا الدليل في مورد افتراقه عن الاخر ليس له معاض وكذا الاخر ويتساقطان في مادة الاجتماع فلا مجال لان يقال بالتخيير بين الخبرين في مادة الاجتماع او ترجيح احدهما على الاخر في مادة الاجتماع بمرجح من المرجحات

وهذا الاحتمال لعله هو المتداول

الاحتمال الثاني: العمل بكل منهما في مادة الافتراق ويرجع الى المرجحات في مادة الاجتماع لكن لا بد ان نلحظ ان هذه المرجحات التي نعمل بها في مادة الاجتماع هي مرجحات من جهة الصدور من قبيل مخالفة العامة او مرجحات مضمونية من قبيل موافقة الكتاب ولا يجوز ان تكون مرجحات صدورية والسر في ذلك اننا اذا رجحنا بالمرجحات الصدورية كما لو كان راوي احد الخبرين اوثق من راوي الاخر فالترجيح بهذا المرجح يلزم منه اما ان نطرح الخبر الآخر راساً حتى في مورد افتراقه عن الاول او ان نلتزم بالتبعيض في الحجية، وكلاهما باطل اما اسقاط الآخر راساً فلا وجه له لأنه حجة في مادة الافتراق بلا معارض فاسقاطه بلا وجه، واما التبعيض في الحجية فمحذوره انه لا يمكن التعبد بصدور كلام واحد بلحاظ بعض مدلوله وعدم التعبد به بلحاظ البعض الآخر من مدلوله

وبعبارة اخرى ان هذا معناه ان هذا الخبر يكون صادراً عن المعصوم بلحاظ مادة الافتراق وغير صادر بلحاظ مادة الاجتماع، وهذا التبعيض بلحاظ السند غير ممكن

بينما لا محذور في التبعيض في المرجحات الجهتية والمضمونية فلا اشكال في ان يكون خبر واحد صادر لبيان الحكم الواقعي بلحاظ بعض مدلوله وصادر لبيان الحكم التقيتي بلحاظ البعض الاخر، فلا اشكال في ان يتضمن كلام واحد امرين احدهما بينه الامام كحكم واقعي والاخر كحكم تقيتي

وهكذا في المرجح المضموني بان يقال بان هذا المدلول توجد فيه ارادة جدية بينما المدلول الاخر للخبر لا ارادة جدية فيه

فالكلام يقع اي الاحتمالين هو الاقرب الى الصحة فهل نلتزم بالتساقط في مادة الاجتماع ونرتاح وهو يتوقف على عدم شمول الاخبار العلاجية للتعارض بين الخبرين بنحو العموم والخصوص من وجه

وذكر السيد الخوئي (قده) بأن العموم في كل من الدليلين المتعارضين بنحو العموم والخصوص من وجه لا يخلو اما ان يكون بالوضع في كل منهما او بالاطلاق في كل منهما او احدهما بالوضع والاخر بالاطلاق

اما اذا فرضنا الاختلاف فيقدم العام على المطلق لما هو المعروف من أن دلالة العام على العموم وثبوت الحكم في مادة الاجتماع بالوضع فتكون تنجيزية وغير متوقفة على شيء آخر بينما دلالة المطلق دلالة تعليقية لأنها متوقفة على مقدمات الحكمة عدم البيان والعام الوضعي يصلح ان يكون بياناً فهي تمنع من تمامية مقدمات الحكمة فلا ينعقد الاطلاق فيكون العمل بالعام الوضعي

وأما اذا اتفقا فتحقيق الكلام في هذين القسمين يحتاج الى مقدمة لبيان ان الحكم الشرعي تارة يتعدد بتعدد الدال دون المدلول واخرى يتعدد بتعدد المدلول دون الدال

الحالة الاولى ان تعدد الحكم بتعدد الدال معناه أن وحدة الحكم وتعدده تدور مدار وحدة الدال وتعدده فإن كان الدال متعدداً فالحكم متعدد وان كان المدلول واحداً بينما لو كان الدال واحدا فالحكم واحد وان تعدد المدلول ومثاله لو اخبر زيد بان لديه دينار واخبر عمرو بان عنده مئة دينار وفي الواقع كل منهما ليس لديه اي شيء فالدال هنا متعدد فالكذب والحرمة هنا تتعدد لكن ما صدر من الثاني يعتبر كذب واحد وحرام واحد وان كان المدلول متعدد

الحالة الثانية ان يتعدد الحكم الشرعي بتعدد المدلول ويمثل له بالغيبة فلو فرضنا أن زيداً قال بأن عمرو تارك للصلاة وشارب للخمر فقد اغتاب غيبة واحدة وارتكب حراماً واحداً فلو فرضنا انه قال عمرو وخالد كل منهما يشرب الخمر فهنا اغتاب غيبتين وارتكب حرامين مع ان ما صدر منه كلام واحد ولكن حيث ان المدلول يتعدد فالحكم يتعدد بتعدد المدلول

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo