< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

45/11/17

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الموضوع: كتاب الصلاة/صلاة الجماعة/ اشتراط عدم الحائل المانع من المشاهدة

فصل يشترط في الجماعة مضافا إلى ما مر في المسائل المتقدمة أمور:
أحدها: أن لا يكون بين الإمام والمأموم حائل يمنع عن مشاهدته (1) وكذا بين بعض المأمومين مع الآخر ممن يكون واسطة في اتصاله بالإمام، كمن في صفه من طرف الإمام أو قدامه إذا لم يكن في صفه من يتصل بالإمام، فلو كان حائل ولو في بعض أحوال الصلاة من قيام أو قعود أو ركوع أو سجود بطلت الجماعة (2)، من غير فرق في الحائل بين كونه جدارا أو غيره ولو شخص إنسان لم يكن مأموما (3)، نعم إنما يعتبر ذلك إذا كان المأموم رجلا، أما المرأة فلا بأس بالحائل بينها وبين الإمام (4) أو غيره من المأمومين مع كون الإمام رجلا، بشرط أن تتمكن من المتابعة بأن تكون عالمة بأحوال الإمام من القيام والركوع والسجود ونحوها (5)، مع أن الأحوط فيها أيضا عدم الحائل هذا، وأما إذا كان الإمام امرأة أيضا فالحكم كما في الرجل (6)

الثاني: أن لا يكون موقف الإمام أعلى من موقف المأمومين علوا معتدا به دفعيا كالأبنية ونحوها (7)، لا انحداريا على الأصح من غير فرق بين المأموم الأعمى والبصير والرجل والمرأة ولا بأس بغير المعتد به

4- قلنا بأنّ موثقة عمار الاولى تدل على عدم قدح الحائل بين النساء وبين الامام ولكنها لا تدل على عدم قادحية الحائل بين النساء وبين من يتصلن بهم من الرجال، وقد يقال يمكن اثبات كونه قادحاً باطلاق صحيحة زرارة المتقدمة الدالة على اعتبار عدم الحائل مطلقاً،

وقلنا قد يجاب عنه بأنّه يفهم من عدم قادحية الحائل بين النساء وبين الامام عدم قادحيته بين النساء وبين المأمومين

ولكن يمكن أن يقال بأنّه قد يستفاد عدم قادحية الحائل بين النساء وبين المأمومين من نفس الرواية فانها تفترض وجود قوم يصلي بهم الامام، والظاهر من هذا أنّ اتصال النساء بالامام يكون بواسطة القوم المأمومين، لذكر الحائط في ذيل الرواية حيث يكون بينهن وبين المأمومين الذين هم واسطة في اتصالهن بالامام، وبهذا الاعتبار صحّ أن يقال بأنّ الحائط بينهن وبين الامام ((قلت فان بينهن وبينه حائطا او طريقا))

وعليه تدل الموثقة على المطلوب بمعنى عدم قادحية الحائل بين النساء والمأمومين ويستفاد من ذلك عدم قادحية الحائل بين النساء وبين الامام

واما مسألة الاستدلال على جواز الحائل بين النساء والمأمومين بالسيرة لانها قائمة على أنّ النساء تصلي وبينهن وبين المأمومين حاجز

ففيه إنّه ليس واضحاً أنّ السيرة كانت قائمة على هذا، بل يظهر من النصوص وبعض القرائن أنّ النساء كانت تصلي خلف الرجال بلا حاجز ولا أقل من القول بعدم الوضوح في انعقاد السيرة على ما ذكر

7- قال في الجواهر على الأشهر بل المشهور نقلاً وتحصيلاً، بل عن المهذب والمختصر نفي الخلاف فيه بل عن التذكرة نسبته الى علمائنا مؤذنا بدعوى الاجماع عليه

نعم، خالف في ذلك جماعة فصححوا الصلاة اذا كان الامام أعلى، منهم الشيخ في الخلاف حيث قال يكره أن يكون الامام أعلى من المأموم على مثل سطح أو دكان، واستدل عليه باجماع الطائفة وأخبارهم، وقال في موضع آخر منه لا ينبغي أن يكون موضع الامام أعلى من موضع المأموم، ومنهم صاحب المدارك وصاحب المفاتيح وصاحب المعالم وغيرهم

وتردد فيه جماعة منهم المحقق في الشرائع والنافع والمعتبر، وصاحب الذخيرة وصاحب مجمع الفائدة والبرهان

واستدل على الاشتراط بالنصوص

الاول: موثقة عمّار، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) ، قال : سألته عن الرجل يصلّي بقوم وهم في موضع أسفل من موضعه الذي يصلّي فيه ؟ فقال : ((إن كان الإِمام على شبه الدكّان، أو على موضع أرفع من موضعهم لم تجز صلاتهم))[1]

وقوله في مثل الدكان لبيان ما يستثنى من هذا الحكم مما سيأتي من كون الامام أعلى في الارض المنحدرة

وهذه الفقرة ظاهرة في المنع كما ذكر المشهور

الثانية: موثقة عمار المتقدمة قال : سألت أبا عبدالله ( عليه السلام ) عن الرجل يصلّي بالقوم وخلفه دار وفيها نساء ، هل يجوز لهنّ أن يصلّين خلفه ؟ قال : ((نعم ، إن كان الإِمام أسفل منهنّ))[2] ومفهومها إن لم يكن الامام اسفل منهن فلا يجوز، وهذا يشمل صورتي التساوي وأن يكون الامام أعلى، الا أنّه قام الدليل على أنّه لا اشكال في صحة الجماعة في صورة التساوي

الثالثة: رواية محمّد بن عبدالله ، عن الرضا ( عليه السلام ) ، قال : سألته عن الإِمام ، يصلّي في موضع والذي خلفه يصلّون في موضع أسفل منه ؟ أو يصلّي في موضع والذين خلفه في موضع أرفع منه ؟ فقال : ((يكون مكانهم مستوياً))[3]

ويستفاد منها الطلب فكأنه ينهى أن يقف الامام أعلى من المأمومين أو يكون أسفل منهم،

اما من ناحية السند فقد رواها الشيخ الطوسي باسناده عن محمّد بن أحمد بن يحيى، عن محمّد بن عيسى، عن صفوان ، عن محمّد بن عبدالله

وسند الشيخ الى محمد بن احمد بن يحيى صحيح ولا مشكلة في باقي رجال السند الا من جهة محمد بن عبد الله فهو مردد بين أشخاص كثيرين، فلو حددناه ولم نجد فيه قدحاً فيمكن توثيقه برواية صفوان عنه، فإنّه يروي عنه بسند صحيح في هذا السند، وأمّا اذا حددناه ووجدنا فيه قدحاً فلا يمكن الأخذ بتوثيق صفوان له لأن القدح فيه يعارض شهادة صفوان بتوثيقه

والاحتمال الأقرب أنّ المراد به محمد بن عبد الله بن عيسى الاشعري القمي، ولم ينص على وثاقته ولكنهم لم يقدحوا فيه فيمكن الأخذ بشهادة صفوان بوثاقته المستفادة من روايته عنه، ويوجد روايات عامية لا داعي للتعرض لها

ونوقش الاستدلال بهذه النصوص

أمّا الموثقة الاولى فناقش في المدارك[4] بأنّها ضعيفة السند متهافتة المتن قاصرة الدلالة، ثم قال ومن ثم تردد المصنف وذهب الشيخ في الخلاف إلى كراهة كون الامام أعلى من المأمومين

وأجيب عن المناقشة السندية بأنه ثبت أنّ الموثقة معتبرة كالصحيحة

وأمّا التهافت فهو غير موجود في فقرة الاستدلال وانما هو موجود في بعض الفقرات الاخرى ووجود الاضطراب في باقي الفقرات التي تتعرض الى مسألة أخرى -وهو ما اذا كان الارتفاع بمقدار شبر ونحوه والعلو الانحداري- لا يؤثر على فقرة الاستدلال فإنّه لا يوجب تشويشاً واضطراباً في فقرة الاستدلال

بل حتى لو كانت (إن) في قوله (وإن كان أرفع منهم بقدر إصبع) وصلية -كما احتمل- فهي لا تضر بالاستدلال، بل هي تزيد على فقرة الاستدلال بأنّ الارتفاع مضر وإن كان بمقدار إصبع، فالتشويش الموجود في باقي الفقرات لا يؤثر على فقرة الاستدلال، وإن كان احتمال كونها وصلية بعيداً جداً لأمرين:

الاول: إنّه لا يمكن الالتزام أنّ الارتفاع بمقدار إصبع مضر بالجماعة

الثاني: إنّه لا ينسجم مع قوله أو أكثر لأنّ الغرض من الوصلية التنبيه على الفرد الخفي،

وأمّا قصور الدلالة ففيه أنّ الرواية ظاهرة ظهوراً واضحاً في المنع من أن يقف الامام أعلى من المأمومين

 


[1] وسائل الشيعة: 8/411 الباب٦٣ من ابواب صلاة الجماعة ح1.
[2] وسائل الشيعة: 8/409.
[3] وسائل الشيعة: 8/412.
[4] مدارك الاحكام: 4/320.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo