< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

45/10/07

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الموضوع: كتاب الصلاة/ صلاة الجماعة/ إذا أدرك الإمام وهو في التشهد الأخير

(مسألة 28): إذا أدرك الإمام وهو في التشهد الأخير يجوز له الدخول معه بأن ينوي ويكبر ثم يجلس معه ويتشهد، فإذا سلم الإمام يقوم فيصلي من غير استئناف للنية والتكبير، ويحصل له بذلك فضل الجماعة، وإن لم يحصل له ركعة (1)

1-قلنا بانه استدل لما ذكره السيد الماتن (قده) من أحكام ببعض الروايات

ذكرنا منها معتبرة معاوية بن شريح وأنتهى الكلام الى موثقة عمار الساباطي

ووقع الكلام في أنّ الإدراك المذكور في كلتا الروايتين هل المقصود به مجرد الحضور والامام في هذه الحالة فمعنى (أدركه وهو في التشهد) يعني حضر ودخل المسجد والامام في التشهد، أو أنّ المقصود منه متابعة الامام في التشهد بعد أن كبّر ودخل في الصلاة

وقلنا بأنّ هناك قرائن على أنّ المراد به الاول لأنّ الرواية تعطف على قوله أدركه (كبر وسجد معه)

وقلنا حتى لو كان المراد به مجرد الحضور -ولعله الظاهر من بعض الروايات- لكن لا بد أن نفترض أنّه التحق به لأنّ المفروض في هذه الروايات أنّ المأموم تابع الامام في التشهد، ودخوله في الجماعة بهذا الشكل لا يكون الا بعد افتراض أنّه نوى وكبّر، ولذلك قلنا بان النية والتكبير مستبطنة ومفروضة في هذه الروايات

وذكرنا قرينة في الرواية الاولى وهو حكم الامام بأنّه (أدرك الجماعة) ونستبعد جداً أن يترتب أدراك الجماعة على مجرد الحضور في المسجد من دون الدخول مع الامام في هذه الصلاة، وإن كان هناك من يرى بان المقصود انه حضر مع الامام ويكون قد أدرك فضيلة الجماعة كالمحقق العراقي (قده) حيث قال (لا مانع من درك فضيلة الجماعة بالمسارعة اليها واتفاق عدم الوصول اليها الا بعد السجدة وإن لم يتابع)

ولكن ما يبعّد ذلك أنّه خلاف ظاهر قوله أدرك الجماعة فإنّ إدراك الجماعة تترتب عليه احكام خاصة منها الاكتفاء بالتكبيرة السابقة ولا يحتاج الى استئناف تكبير جديد

ثم انه في ذيل رواية معاوية بن شريح قال: ((وليس عليه أذان ولا أقامة، ومن أدركه وقد سلّم فعليه الأذان والإقامة)) والتفصيل بين إدراك الامام وهو في التشهد فلا اذان وإقامة عليه وبين ادراكه بعد أن سلم فعليه الأذان والإقامة انما هو لأجل أنّه إذا أدركه وهو في التشهد يكون داخلاً في الجماعة فان من احكام الجماعة سقوط الأذان والإقامة بينما لو أدركه بعد التسليم فصلاته التي يأتي بها بعد ذلك صلاة انفرادية ومن أحكامها الاتيان بالأذان والإقامة، وهذه قرينة على أنّ المقصود بالرواية المتابعة لا مجرد الحضور

وهناك بعض الروايات الاخرى لكنها غير تامة سنداً أو دلالة يستدل بها على الحكم في المقام

وفي مقابلها توجد عدة روايات ادعي معارضتها لهاتين الروايتين، وكلها تدور حول الحكم الاول الذي ذكره السيد الماتن (قده) وهو جواز الدخول مع الامام الذي أدركه وهو في التشهد بأن ينوي ويكبّر ثم يجلس معه،

منها: موثقة عمار الاخرى قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن رجل أدرك الإِمام وهو جالس بعد الركعتين؟ قال: ((يفتتح الصلاة ولا يقعد مع الإِمام حتى يقوم))[1]

فقد دلّت على عدم جواز القعود والانتظار الى أن يقوم الامام، بينما دلّت الروايات السابقة على أنّه يقعد مع الامام

ومنها: رواية عبد الرحمن، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ـ في حديث ـ قال: ((إذا وجدت الإِمام ساجداً فاثبت مكانك حتى يرفع رأسه، وإن كان قاعداً قعدت، وإن كان قائماً قمت))[2]

ومنها: صحيحة محمّد بن مسلم ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال : قال لي : ((إن لم تدرك القوم قبل أن يكبّر الإِمام للركعة فلا تدخل معهم في تلك الركعة))[3] وموضوعها ينطبق على محل الكلام فانه لم يدرك الامام قبل أن يكبّر للركعة والرواية تنهاه عن الدخول معه في تلك الركعة

أقول أمّا بالنسبة لموثقة عمار الثانية فالظاهر أنّها لا تعارض الموثقة الاولى والوجه في ذلك هو اختلافهما مورداً، فصحيح أنّ مورد كل منهما هو التشهد، ولكن الموثقة الاولى موردها التشهد الأخير لأنه قال فيها ((فإذا سلّم الإِمام قام الرجل فأتمّ صلاته))، بينما مورد الثانية التشهد الاول لأنه قال فيها (عن رجل أدرك الإِمام وهو جالس بعد الركعتين) وقد يقال انها تتحدث عن الركعة الأخيرة في صلاة الصبح، ولكنه قال (حتى يقوم) فظاهرها أنّ الامام ليس في الركعة الاخيرة

وحينئذ يقال بانه لا تعارض بينهما لاختلاف المورد ولا اشكال في أن نلتزم بأنّ الامام يأمره بالقعود اذا كان الامام في التشهد الأخير ولو بنحو الاستحباب والرجحان بينما لو كان الامام في التشهد الاول فالإمام ينهاه عن القعود، ولا منافاة بينهما باعتبار أنّ المأموم الذي يريد أن يدرك فضيلة الجماعة لا طريق له الى ذلك الا بأن يلتحق بالإمام ويقعد معه وينتظر الامام الى أن يسلّم فيتم صلاته، بينما لو كان الامام في التشهد الاول فله طريق الى ادراك فضيلة الجماعة وهو أن ينتظر الامام الى أن يقوم فيلتحق به في الركعة الثالثة والرابعة

وبهذا يرتفع التعارض بين الروايتين

وأمّا رواية عبد الرحمن فهي وإن كان في سندها عبد الله بن محمد وهو ابن عيسى الذي لم ينص على وثاقته، ولكن تقدم توثيقه، وسيأتي الكلام حول دلالتها

وأمّا صحيحة محمد بن مسلم فقالوا بأنّ المستفاد من ذيل الرواية (فلا تدخل معهم في تلك الركعة) النهي عن أن يدخل بعد أن كبّر الامام في الركوع لأجل احتساب هذه الركعة، وتقدم التزام بعض العلماء بأنّه يعتبر في احتساب الركعة إدراك الامام قبل أن يكبّر للركوع فلعل الرواية ناظرة الى هذا الأمر،

فليس فيها نهي عن الدخول مع الامام في الصلاة لغرض إدراك فضيلة الجماعة

هذا بناء على أنّ ادراك الامام وهو في الركوع لا يكفي في احتساب الركعة بل لا بد من ادراكه قبل تكبيرة الركوع


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo